وتقديم المسند اليه امّا لمحض التّقوىّ أو للحصر (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) يعنى انّ الايمان كان هداية من الله الى الله ، ولمّا حصّلوه بتوفيقه زادهم ايمانا (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) الحبّ فجذبهم إلينا أو اوقعنا الرّبط على قلوبهم بمعنى جعلناهم متحابّين مربوطا قلب بعضهم على بعض وذلك بعد معرفة كلّ حال الآخرين واتّحادهم في الدّين (إِذْ قامُوا) عن القعود مع المشركين وإظهار الإشراك للفرار عنهم (فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) لا باطنا ولا ظاهرا (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) قولا ذا شطط ذا بعد أو ميل عن الحقّ قالوا ذلك فيما بينهم بعد التّلاقى في خارج البلد ، أو في أنفسهم قبل الخروج والتّلاقى (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ) على الآلهة (بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) حجّة واضحة يعنى انّ اعتقاد شيء من غير برهان باطل وان كان المدّعى حقّا (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) يعنى ممّن نسب الى الله ما لم يأذن به الله حقّا كان أو باطلا ، ولذلك ورد من فسّر القرآن برأيه وأصاب الحقّ فقد أخطأ (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) استيناف من الله يعنى وقلنا إذ اعتزلتموهم أو مقول لهم يعنى قال بعضهم لبعض وإذ اعتزلتموهم فأووا الى الكهف فرارا منهم واخلوا مع الله (يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) اجابة لمسؤلكم (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) ما تدارون به الخلق من قوّة الصّبر على أذاهم والعفو عن مسيئهم والنّصح لمحسنهم والإحسان الى كلّهم (وَتَرَى) يا محمّد (ص) إذا رأيت كهفهم أو يا من يتأتّى منه الرّؤية (الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ) تميل (عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ) اى الى الجهة من الكهف ذات يمين الواقف خارج الكهف مقبلا على الباب أو داخل الكهف مدبرا عن الباب ، هذا إذا كان الكهف واقعا في جهة الجنوب وبابه الى جهة الشّمال ، وبالعكس ان كان واقعا في جهة الشّمال وبابه الى جهة الجنوب ، أو عن الجهة ذات يمين الواقف خارج الكهف مدبرا عن الباب ، أو داخل الكهف مقبلا على الباب إذا كان الكهف واقعا في جهة الجنوب وبابه الى جهة الشّمال ، وبعكس ذلك ان كان الكهف بعكس ذلك ، أو المعنى ترى الشّمس إذا طلعت حالكونها في الجهة ذات يمين الواقف ، أو حالكونها صاحبة يمين الواقف ، أو تزاور حالكونها في يمين الواقف أو ذات يمين الواقف ، وتصوير وضع الكهف غير خفىّ بعد ما مضى ، أو المعنى تزاور في الجهة ذات اليمين على ان يكون ظرفا لغوا وتصوير وضعه كما إذا كان المعنى تزاور الى ذات اليمين (وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ) الى ذات الشّمال أو عن ذات الشّمال أو في ذات الشّمال أو حالكونها ذات الشّمال ، وتصويرها بعد تصوير سوابقها غير صعب (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) متّسع من الكهف بحيث لا يتأذّون من حرّ الشّمس ولا كرب الغار (ذلِكَ) اى كونهم في الكهف بالوصف المذكور أو ذلك المذكور من قصّة أصحاب الكهف وهو جملة معترضة لتذكير السّامعين (مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) معترضة اخرى للاشارة الى وجه من وجوه التّأويل وتمثيل حالهم لحال جملة المؤمنين (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً) عطف على ترى الشّمس يعنى من رآهم يحسب انّهم إيقاظ لكون أعينهم مفتوحة ناظرة ، أو يحسب انّهم احياء لطراوة أجسادهم ونضارة أبدانهم (وَهُمْ رُقُودٌ) نائمون أو أموات (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) اى على الجهة ذات اليمين أو في الجهة ذات اليمين يعنى لا نديم منهم جنبا واحدا على الأرض حتّى يتغيّر ويتصرّف فيه الأرض ، وفيه اشارة الى اجابة دعائهم