أعثرنا (عَلَيْهِمْ بُنْياناً) يحفظ أجسادهم من السّباع والانظار (رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ) من تتمّة قولهم يعنى اتركوهم على حالهم ولا تجسّسوا وابنوا عليهم بنيانا ، أو معترضة من الله يعنى ربّ الفتية اعلم بحال الفتية أو بحال المتنازعين فيهم ، أو ربّ المتنازعين اعلم بحالهم من ارادة الخير والشّرّ في نزاعهم وما قالوه (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) امر الفتية أو امر أهل البلد من الرّؤساء ، أو قال الّذين غلبوا على امر أنفسهم بالإسلام وغلبتهم على الشّيطان (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) معبدا يعبد فيه ويزار ويتبرّك (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) اى سيقول الحاضرون في زمانك من أهل الكتاب ومن قريش ومن أمّتك (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) كأنّهم سلّموا انّ عددهم كان فردا ولذلك ردّدوا بين الثّلاثة والخمسة والسّبعة (رَجْماً بِالْغَيْبِ) رميا من أفواههم بالخبر الغائب عنهم ، وتعقيب القولين بذلك دليل تزييفهما (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) إدخال الواو هاهنا دون سابقيه لاعتيادهم ذلك عند تعداد مراتب العدد فانّهم يقولون خمسة ستّة سبعة وثمانية وذلك لانّ السّبعة عدد كامل عندهم كما هو كذلك عند أهل الشّرع فقبل البلوغ الى السّبعة كان المراتب الآتية من متمّمات السّابقة وتخلّل الواو كأنّه تخلّل بين أجزاء شيء واحد ولذلك يسمّى هذه الواو عندهم وأو الثّمانية ، فما قيل : انّ دخول الواو هاهنا لتأكيد اللّصوق ، ليس في محلّه ، لانّه للاشعار بالتّفارق لا بالتّقارب (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) وفي الاخبار ما يشعر بكونهم سبعة وثامنهم كلبهم (فَلا تُمارِ فِيهِمْ) فلا تجادل في خبرهم وعددهم قريشا وأهل الكتاب (إِلَّا مِراءً ظاهِراً) لا واقعا فانّهم لا علم لهم ولا يقولون الّا عن جهل والقائل عن جهل لا خطاب معه ، وهذا يدلّ على انّ الجدال كما يحرم عمّن لا علم له يحرم مع من لا علم له (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) واقتصر على ما أوحينا إليك لانّهم لا يقولون ما يقولون عن علم وبصيرة ، وهذا يدلّ على انّ الاستفتاء عمّن لا علم له حرام سواء قال عن تقليد أو عن ظنّ وتخمين (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) استثناء مفرّغ من لا تقولنّ اى لا تقولنّ لشيء بضمّ شيء الّا بضمّ ان يشاء الله أو في حال الّا في حال ضمّ ان يشاء الله ، والمقصود الّا بتذكّر مشيّة الله ، وهذا تأديب له (ص) وتعليم لغيره ان لا يقولوا شيئا منوطا بمشيّة الله الّا ان يستثنوا ، وقد سبق انّه (ص) قال في جواب سؤالهم المسائل الثّلاث : أخبركم غدا ، ولم يستثن ، فحبس الوحي عنه أربعين يوما (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) الاستثناء في الخبر انّ للعبد إن يستثني ما بينه وبين أربعين صباحا (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا) الاستثناء القولىّ (رَشَداً) وهو الاستثناء الحالىّ والعيانىّ والتّحقّقىّ يعنى انتظر صيرورة حالك حال الاستثناء دائما أو معاينة مشيّة في كلّ شيء أو تحقّقك بمشيّته ، وقيل فيه غير ذلك (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ) عطف من الله على يقولون ، أو كلام منهم عطف على سبعة وثامنهم كلبهم (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) هذا يؤيّد كونه كلاما منهم (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) علمه مختصّ به (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) أتى بصيغة التّعجّب اشعارا بانّ بصره وسمعه فوق ما يتصوّر بحسب ادراك الدّقائق والاحاطة بكلّ ما يتصوّر أدركه (ما لَهُمْ) لأهل السّموات والأرض أو للسّائلين عن نبإ أصحاب الكهف (مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) في الاخبار عن القصص الماضيات ، أو في الاخبار عن المغيبات مطلقا ، أو في احكام العباد ، أو في ولاية علىّ (ع) وهذا هو المناسب