الدّاء الّذى لا دواء له ، وقد فسّر الأخسرين في الآية باهل الكتاب وبكلّ من ابتدع رأيا وهو يرى انّه حسن ، وباهل الشّبهات والأهواء من أهل القبلة وباهل البدع منهم وباهل حروراء ، ولا ينافي ذلك تعميم الآية لكلّ من يفعل بحكومة الشّيطان وهو يرى انّه حسن بل يستفاد التّعميم من اختلاف التّفسير وللاشارة الى التّعميم فسّره بقوله (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في الحيوة الدّنيا ظرف لسعيهم أو لضلّ أو لكليهما على سبيل التّنازع ، ولمّا كان كلّما يفعله الإنسان بحكومة الشّيطان متوجّها الى الدّنيا وضائعا فيها وان كان الشّيطان يظهر في بادي الأمر على الفاعل وجهة اخرويّة صحّ تعليق الظّرف بكلّ من السّعى والضّلال (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) وذلك الحسبان جهل مركّب وخسران فوق كلّ خسران لا يمكن تداركه كما مرّ (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) الإتيان باسم الاشارة البعيدة لتفضيح حالهم ولاحضارهم بما وصفوا به ، وتعريف المسند لافادة الحصر والمراد بالآيات الأوصياء (ع) بل المراد بالكفر بالآيات الكفر بعلىّ (ع) فانّ الكفر به كفر بتمام الآيات وقد فسّر في الاخبار بذلك (وَلِقائِهِ) قد سبق مرارا انّه ان كان المراد بالرّبّ ربّ الأرباب فالمراد باللّقاء لقاء حسابه أو حسّابه ، وان كان المراد بالرّبّ الرّبّ المضاف فالمراد باللّقاء لقاء وجه الرّبّ لكن وجهه الملكوتىّ الّذى يسمّونه في الطّريق بالفكر والحضور والسّكينة (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) الّتى عملوها محتسبين انّ لهم عليها اجرا (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) يعنى لأنفسهم قدرا وزنة ، روى عن النّبىّ (ص) انّه ليأتى الرّجل السّمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة ، أو المعنى لا نقيم لاعمالهم يوم القيامة ميزانا لانّه لا يبقى عمل خير لهم يوزن (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ) ذلك مبتدء أو خبر أو مفعول لمحذوف ، وجزاؤهم جهنّم جملة مستأنفة ، أو ذلك مبتدء اشارة الى الحسبان والحبط ، جزاؤهم جهنّم خبره والعائد محذوف اى ذلك الحسبان جزاؤهم به جهنّم ، أو ذلك مبتدء وجزاؤهم خبره ، وجهنّم بدل من ذلك نحو بدل الاشتمال اى ذلك وعدم القدر جزاؤهم بل جهنّم جزاؤهم على ان يكون فيه معنى الاضراب والتّرقّى ، أو ذلك مبتدء وجزاؤهم بدله وجهنّم خبره (بِما كَفَرُوا) اى كفروا بآياتي بقرينة ما بعده (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) المراد بالآيات الأوصياء (ع) كما ورد عنهم والمراد بالكفر الكفر بهم وقوله حبطت اشارة الى خسران العمل وجزاؤهم جهنّم اشارة الى اخسريّته لترتّب ضدّ مأمولهم عليه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة النّبويّة وقبول الدّعوة الظّاهرة (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة أو آمنوا بالبيعة الخاصّة وعملوا الصّالحات طبق ما شرط عليهم في البيعة الخاصّة (كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) والفردوس أعلى درجات الجنان وورد انّ هذه نزلت في ابى ذرّ (ره) والمقداد (ره) وسلمان الفارسىّ (ره) وعمّار بن ياسر (ره) جعل الله عزوجل لهم جنّات الفردوس نزلا اى مأوى ومنزلا ، والنّزل المنزل وما يهيّأ للضّيف ان ينزّل عليه تشريفا (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) حيث لا درجة أعلى منها يرغبون عنها في أعلى منها (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) الآية جارية بحسب الظّاهر على طريق المخاطبات العرفيّة حين المبالغة في امر من وضع قضايا فرضيّة وتعليق الحكم عليها يعنى انّ كلمات الرّبّ من الكثرة وعدم النّهاية بمرتبة لو فرض انّ جميع بحار الأرض أو جنس بحار الأرض كان مدادا لها لما وفي بها مثل قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) ، لكن لمّا كانت مفروضات الله