تعالى شأنه مبتنية على حقائق عينيّة بحسب الواقع وان كانت تترائى فرضيّة بحسب الانظار الحسّيّة ، فانّه لا مجازفة ولا إغراق في كلمات الله وكلمات خلفائه كان المراد بالبحر هو البحر الفاعلىّ الّذى هو المشيّة وقد فسّرت في قوله تعالى ن ، والقلم بهذا البحر ، ويكون المراد حينئذ بسبعة أبحر المراتب السّبع الفاعليّة الّتى كلّ بمنزلة المداد بالنّسبة الى ما بعده وهي الملائكة المهيّمون المقرّبون والصّافّات صفّا والمدبّرات امرا والنّفس الانسانيّة والحيوانيّة والنّباتيّة والطّبع الجماديّة ، أو المراد بسبعة أبحر الأبحر القابليّته من مادّة الكلّ والجسم المطلق والعنصر والجماد والنّبات والحيوان والإنسان بحسب بشريّته فانّ كلّا بجهته القالبيّة مادّة ومداد لما فوقه ، أو المراد بالبحر البحر القابلىّ الّذى هو مادّة الموادّ وهيولى الهيوليات ، والمراد بسبعة أبحر الأبحر القابليّات السّتّة المذكورة بجعل بحر الإنسان باعتبار نفسه وعقله بحرين ، أو المراد بسبعة أبحر البحار السّبعة الفاعليّات وكلّ ذلك من سعة وجوه القرآن وصحّة حمله على الكلّ (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) قرئ بكسر الميم وفتحه من المداد أو المدد ، والمراد بالمثل ان كان المراد بالبحر الفاعليّة المطلقة القابليّة المطلقة ، أو القابليّة المطلقة فالمراد الفاعليّة المطلقة ، وان كان المراد بالبحر المشيّة والفاعليّة الاولى فالمثل القابليّة الاولى أو القابليّة الاولى فالفاعليّة الاولى ، ولمّا أوهم امره تعالى له (ص) بان يخبر القوم بانّ كلمات الله غير متناهية انّه أحاط بها ولو اجمالا وليست تلك الاحاطة بقوّة بشريّة بل بشأن الهىّ وقوّة غير بشريّة امره تعالى شأنه ان يتنزّل الى مقامه البشرىّ ولا يرفع شأنه عمّن أرسل إليهم ليتوهّموا المجانسة ويأنسوا به فقال (قُلْ) لهم (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) بطريق الحصر يعنى لا شأن لي في هذا المقام الّا البشريّة والمثليّة معكم لكن خصّنى الله تعالى شأنه بما لم يخصّكم به فانّه (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) يعنى يوحى الىّ بخلع الأنداد وترك الإشراك في جميع مراتب الإشراك ، فانّ توحيد الآلهة يقتضي توحيد الواجب وتوحيد العبادة عليه على سبيل التّفريع (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) ان كان المراد بالرّبّ ربّ الأرباب فالمراد باللّقاء كما في الاخبار لقاء حسابه وثوابه وحسّابه ، وان كان المراد به الرّبّ المضاف وهو الرّبّ في الولاية فالمراد باللّقاء لقاء ملكوته ثمّ لقاء جبروته ، وامّا لقاء ملكه فانّه ليس لقاء حقيقة لانّ ما في هذا العالم من الأجسام والجسمانيّات كلّها في البعد والغيبة والانفصال ، بل الجسم الواحد المتّصل كلّ اجزائه في غيبة بعضها عن بعض وعن الكلّ ولا شهود ولا لقاء حقيقة لشيء من أجزاء الأجسام بخلاف الملكوت فانّ اجزائها كالمرائى يتراءى كلّ في كلّ ويتّصل كلّ بكلّ نحو اتّصال الصّورة بالمرآة بل اتّصالات فوقه لا يوصف بالكنه ، ورجاء الشّيء يقتضي التّوجّه اليه وانتظار وصوله وجمع البال لحصوله (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) يعنى فليعمل ما يصدق عليه انّه عمل صالح جليلا كان أو يسيرا وقد مضى انّ صلاح العمل باتّصاله بالولاية وانّ غير المتّصل بالولاية غير صالح كائنا ما كان ، والمتّصل صالح كائنا ما كان ؛ ولذا ورد عنهم (ع): إذا عرفت فاعمل ما شئت ، يعنى من قليل الخير وكثيره ، والسّرّ فيه انّ من اتّصل بولىّ الأمر وتمسّك بالعروة الوثقى وابتغى الوسيلة الى الله كفاه ظهور ذلك الاتّصال بشيء ما من اعمال جوارحه ويكفيه ذلك الاتّصال في النّجاة بل في الارتقاء على مراقى الآخرة ، لكن لا ينبغي له عدم المبالاة بالأعمال الشّرعيّة والسّنن النّبويّة فانّها حافظة لذلك الاتّصال ومبقية لتلك الوسيلة ولو لا الأعمال الشّرعيّة خيف عليه قطع الاتّصال والوسيلة وفي قطعة هلاكته الابديّة ، أو المعنى فليعمل عملا صالحا عظيما لا يمكن ان يوصف ، على ان يكون التّنوين للتّفخيم وذلك العمل العظيم الصّالح ليس الّا ما هو أصل الصّلاح وصلاح كلّ ذي صلاح وهو الولاية العمليّة الّتى هي البيعة مع صاحب الولاية وقبول الشّروط والمواثيق عنه وأخذ بذر الايمان منه وهو الّذى يدخل في القلب (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ