رَبِّهِ أَحَداً) الإشراك في العبادة امّا بان يشرك في نفس العمل كالاشراك في الوضوء والغسل بان يصبّ الغير الماء على الأعضاء ، وكالاشراك في الصّلوة بالاتّكال في القيام مثلا على جدار أو خشب أو إنسان ، أو بان يشرك في باعث العمل فانّ الباعث على العبادة ينبغي ان يكون أحد أمور ثلاثة ؛ امر الآمر ، أو محبّة المعبود والعشق له ، أو طلب لقائه الّذى هو غاية العبادة ونتيجة المحبّة ، فاذا أشرك في شيء من الثّلاثة كان مشركا في العبادة ، أو بان يشرك في غاية العبادة فانّ غاية العبادة ينبغي ان تكون ذات المعبود ولقاءه أو نفس المحبّة الباعثة ، أو امتثال الأمر بل فناء العابد وبقاء المعبود فاذا أشرك في ذلك غيره مثل الجنان ونعيمها ، أو اتّقاء النّيران وحميمها ، أو محمدة من النّاس وثناء ، أو صيت في النّاس وشهرة ، أو محبّة في قلوب النّاس ، أو حفظ مال وعرض ودم في النّاس ، أو إمضاء عادة فانّ ترك العادة يوذي النّفس ، أو خروج من عهدة التّكليف وثقله ؛ وغير ذلك ممّا لا يحصى من مخفيّات النّفس بل إذا كان المقصود طلب رضاء الرّبّ أو القرب منه بان يكون الإنسان مرضيّا أو مقرّبا كان مشركا في العبادة ، وامّا الإشراك في ذات المعبود كاشراك الوثنيّة والصّابئة وعابدى الملائكة والجنّ وإبليس وكاشراك الثّنويّة القائلة بالنّور والظّلمة أو يزدان واهريمن فهو اشراك في الآلهة ، ونفاه تعالى بقوله : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ، وامّا الإشراك في الوجود والشّهود في العبادة بالالتفات الى غير المعبود ورؤية الغير حين العبادة وان كان نفيه امرا عظيما والخلوص منه مرتبة شريفة ولا يخلو الإنسان منه ما لم يكن فانيا صرفا فهو مطلوب من اهله ، واللّقاء الحقيقىّ لا يحصل بدونه ؛ رزقنا الله وجميع المؤمنين الخلوص من هذا الإشراك بمنّه وجوده ومحض إحسانه الّذى هدانا به بعد الضّلالة.
هذا ما أردنا تسويده من المجلّد الثّانى من التّفسير المسمّى ببيان السّعادة في مقامات العبادة والحمد لله اوّلا وآخرا والشّكر له على ما ألهم كثيرا ، والصّلوة والسّلام على أشرف خلقه محمّد وأهل بيته.