عمّا يضرّه ، روى انّ اسمعيل (ع) قال للصّادق (ع) : يا أبتاه ما تقول في المذنب منّا ومن غيرنا؟ ـ فقال : ليس بامانيّكم ولا امانىّ أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به وهو يشير الى تعميم الحكم ولا ينافي تخصيص الخطاب بالمنافقين المنتحلين (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) لانّ شرط قبول العمل هو الايمان الخاصّ والبيعة على يد علىّ (ع) يعنى انّ العمل الصّالح يصير صالحا إذا كان ناشئا من الايمان وراجعا اليه والّا لم يكن صالحا وان كان صورته صورة العمل الصّالح ، لانّ الصّلاح أصله هو الولاية لعلىّ (ع) فكلّ ما صدر عن الوجهة الولويّة فهو صالح كائنا ما كان ، وكلّ ما لم يصدر عن الوجهة الولويّة فهو فاسد (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) شيئا قليلا والنّقير النّقطة في وسط النّواة ، ووجه الاختلاف بين القرينتين بالإجمال في الشّرط والإتيان بالجزاء مضارعا مجرّدا عن الفاء في الاولى ، والتّفصيل في الشّرط والإتيان بالجزاء جملة اسميّة مصدّرة بالفاء في الثّانى ما هو من عادة صاحبي الحياء والكرم من الإجمال والإغماض في جانب الوعيد والتّفصيل والتّأكيد في جانب الوعد (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) استفهام إنكارىّ فيه معنى التّعجّب عطف على من يعمل من الصّالحات باعتبار لازمه الّذى هو معنى لا أحد أحسن دينا منه ، واشارة الى علّة الحكم والى وصف آخر لهم مشعر بالمدح ، فانّ المراد بمن أسلم وجهه لله هو المؤمن ، والمراد بالمحسن من يعمل من الصّالحات ، فانّ الايمان هو انقياد وجهك الباطنىّ وإخلاصه لمن بايعت على يده ، ولمّا كان من بايعت على يده بيعة حقّة واسطة بينك وبين الله كان إخلاص الوجه له إخلاصا لله وهو علىّ (ع) أو خلفاؤه ، والإحسان هو ان يكون العمل صادرا عن امر من هو أصل في الحسن ، وهو علىّ (ع) وخلفاؤه (ع) كما سبق في بيان العمل الصّالح كأنّه قال : ولا أحد أحسن دينا منهم لانّ حسن الدّين امّا بالعمل وهو ان يكون صادرا عن امر الحسن الحقيقي ، وامّا بالاعتقاد والعمل الجنانىّ وهو ان يكون عارفا لإمام زمانه مسلما وجهه له بالبيعة على يده وهو الحسن الحقيقىّ ، وهؤلاء متّصفون بوصف العمل الصّادر عن امر الحسن الحقيقىّ والانقياد اعتقادا للحسن الحقيقىّ ، وفي النّبوىّ المشهور اشارة الى ما ذكرنا من تفسير المحسن فانّه (ص) قال : الإحسان ان تعبد الله كأنّك تراه فان لم تكن تراه فانّه يراك ، يعنى انّ الإحسان يصدق إذا كان العمل بمشاهدة الله يعنى بمشاهدة امره حتّى يكون المصدر هو امره ، وتقديم العمل الصّالح في المعلول لكون العنوان الأعمال وجزاءها ، وتأخير الإحسان الّذى هو بمعناه في العلّة لتقدّم الايمان على العمل الصّالح ذاتا (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) فيه اشارة الى انّ المراد بالمحسن العامل بالأعمال القلبيّة الولويّة المخليّة للنّفس عن الرّذائل والهواجس والوساوس المحليّة لها بالخصائل والإلهامات والتّحديثات والمشاهدات والمعاينات ، والمراد بالتّابع لملّة إبراهيم (ع) هو العامل بالأعمال القالبيّة والأحكام النّبويّة من المفروضات والمسنونات وترك المنهيّات ، فانّ من تاب على يد علىّ (ع) وتلقّى منه آداب السّلوك واحكام القلب لا بدّ له من العمل بأحكام القالب فانّها كالقشر لأحكام القلب فما لم يحفظ القشر لم يحفظ اللّبّ ، وحنيفا حال عن التّابع أو الملّة أو إبراهيم (ع) وعدم مراعاة التّأنيث امّا لتشبيه الحنيف بالفعيل بمعنى المفعول ، أو لكسب الملّة التّذكير من المضاف اليه لصحّة حذفه ، والحنيف بمعنى الخالص أو المائل عن الأديان الاخر ، أو الرّاغب الى الإسلام الثّابت عليه (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) عطف مشعر بالتّعليل أو حال بتقدير قد أو بدون التّقدير على خلاف