الى لطيفة ايمانهم وهذا ردّ لتربّصهم نصيب الكافرين (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) جواب لما يتراءى ان يسأل عنه من حال المنافقين مع الله وفي عبادة الله ولذلك لم يأت بالوصل ، والمراد بمخادعتهم لله خدعته باعتبار مظاهره واتمّها محمّد (ص) وعلىّ (ع) أو يخادعون الله باعتبار ما يذكرون بألسنتهم انّ لنا مبدء وامرا ونهيا منه والّا فلا معرفة لهم بالله حتّى يخادعوه ، ونسبة الخدعة الى الله على سبيل المشاكلة ، أو لانّه باستدراجه لهم يفعل فعل المخادع ، وإتيان الفعل من باب المفاعلة للاشارة الى انّهم كأنّهم يغالبون الله في المخادعة وهو يغلبهم فيها (وَ) طريق عبادتهم انّهم (إِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ) بيان لمخادعتهم الله يعنى لبس في وجودهم داع وشوق للعبادة كأنّهم مكرهون وقيامهم الى الصّلوة ليس لعبادة الله بل لمحض الخدعة مع الله واراءة النّاس (وَ) لذلك (لا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) اى ذكرا قليلا أو جمعا قليلا منهم ، عن أمير المؤمنين (ع) من ذكر الله في السّرّ فقد ذكر الله كثيرا انّ المنافقين كانوا يذكرون الله علانية فلا يذكرونه في السّرّ فقال الله عزوجل : يراؤن النّاس ولا يذكرون الله الّا قليلا (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) الأمر من الايمان والكفر ، من الّذبذبة بمعنى جعل الشّيء مضطربا وأصله الّذبّ وقرئ على صيغة الفاعل بمعنى مذبذبين قلوبهم (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) كالنّسوان والأطفال لا يستقيم رأيهم على امر واحد لضعف عقلهم وتسلّط وهمهم فانّهم اضلّهم الله (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) حتّى يستقيم عليه ولمّا ذكر حال البالغين في الكفر والنّفاق من هذه الامّة وذكر حال النّازلين عنهم وهم المنافقون التّابعون للكافرين نادى المؤمنين على سبيل التّلطّف بهم ونهاهم عن طريق المنافقين وهدّدهم بذكر حال المنافقين فقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) كالمنافقين (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) فانّ اتّخاذ البالغين في الكفر والنّفاق وهم أعداء آل محمّد (ص) أولياء مع تصريح الله وتصريح نبيّه (ص) بمن هو وليّكم وعداوة هؤلاء لمن صرّحا بولايته يوجب حجّة ظاهرة لله عليكم (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) استيناف في موضع التّعليل للنّهى ، وللعالم السّفلىّ كالعالم العلوىّ مراتب وكلّيّاتها سبع مراتب والأراضي السّبع اشارة إليها وتسمّى طبقات ودركات ، ولمّا كان كفر النّفاق أسوء أقسام الكفر وأقبحها كان سببا لانجرار صاحبه الى الدّرك الأسفل من النّار (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) لم يقل لن تجد لهم وليّا ولا نصيرا للاشارة الى انّ المنافقين وقعوا في الدّرك الأسفل في الدّنيا ، والولىّ لا يكون الّا من ولاية محمّد (ص) الّتى تفتح باب رحمة الله على العباد ولا يتصوّر فتح باب الرّحمة لمن كان في الدّرك الأسفل حتّى يحتاج الى التّصريح بنفيه عنهم ، بخلاف النّصير فانّه من رسالة محمّد (ص) والرّسالة لمّا كانت ظهور رحمة الله الرّحمانيّة يتصوّر تعلّقها بكلّ أحد ومع ذلك لا يكون له نصير ، وما بقي بين الصّوفيّة من تعاضد نفسين حين التّوبة والتّلقين ، انّما هو باعتبار مظهريّة الرّسالة والولاية وباعتبار النّصرة والولاية (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) من نفاقهم (وَأَصْلَحُوا) ما أفسدوا بنفاقهم بنصرة الرّسالة والرّسول أو مظهره (وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ) اى بمظهره الّذى هو شيخ الإرشاد وهو علىّ (ع) (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) الدّين هو الولاية ، وإخلاصها بان لا تكون باشراك ولاية من ليس لها باهل وبان لا تكون مشوبة بالأغراض الكاسدة (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) لانّهم بتوبتهم على يد علىّ (ع) واعتصامهم ببيعتهم الخاصّة الولويّة صاروا