مؤمنين بعد نفاقهم وطهروا عن دنسه بالتّوبة ولذلك قبلهم علىّ (ع) (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) فيساهمونهم (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ) قد يفسّر الشّكر بتعظيم المنعم لأجل النّعمة وعلى هذا فالمراد هاهنا تعظيم الله لأجل النّعمة الّتى هي علىّ (ع) فانّه أصل النّعم بل فرعها أيضا ، فلا نعمة غيره وقرينة التّخصيص تعقيبه بقوله تعالى (وَآمَنْتُمْ) فانّه قد علمت انّ الايمان لا يحصل الّا بالبيعة الخاصّة الولويّة على يد علىّ (ع) على انّ الكلام في آل محمّد (ص) وأعدائهم ، وقد يفسّر الشّكر بصرف النّعمة فيما خلقت لأجله ، وعلى هذا فالمراد بالنّعمة المأخوذة في الشّكر استعداد قبول الولاية والبيعة الولويّة والتهيّؤ للعروج الى الملكوت ، ولا نعمة أعظم منها في العالم الصّغير ، كما انّه لا نعمة أعظم من علىّ (ع) في العالم الكبير ، وصرف تلك النّعمة في وجهها بان يسلّمها الى علىّ (ع) حتّى يعطيه ما يستحقّه والقرينة أيضا قوله تعالى : وآمنتم وتقديم الشّكر لتقدّمة على حصول الايمان فانّ البيعة وقبول الولاية لا تكون الّا بعد التّعظيم والتّسليم ، وتعميم الآية لكلّ شكر ونعمة غير مخفىّ على ذوي الدّراية (وَكانَ اللهُ شاكِراً) يجزى الشّكر زيادة في النّعمة فكيف يعذّب الشّاكر (عَلِيماً) لا يفوت عنه شكر كم فيعذّبكم لعدم العلم بشكركم.
الجزء السّادس
(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) استثناء من المفعول بتقدير الّا جهر من ظلم أو استثناء مفرّغ بتقدير لا يحبّ الله الجهر بالسّوء من أحد الّا ممّن ظلم وعليهما يكون الجهر بالسّوء من المظلوم محبوبا لكن هو محبوب من كلّ المظلومين أو من بعضهم ، وفي كلّ أقسام الظّلم أو بعضها ، وبكلّ سوء أو بسوء مخصوص مجمل محتاج الى البيان ، أو المستثنى منقطع والتّقدير لا يحبّ الله الجهر بالسّوء لكن من ظلم يجهر بالسّوء أو يباح له الجهر بالسّوء ، وهذا أوفق بقراءة ظلم مبنيّا للفاعل وبيان نظم الآية بحيث يظهر القيود فيها هكذا لا يحبّ الله الشّيء المقول المجهور السّوء ، يعنى لا الشّيء الصّادر من غير اللّسان من الأعضاء ولا الشّيء الصّادر من اللّسان غير المجهور كالمخفت ولا الشّيء الصّادر من اللّسان المجهور غير السّيّء ، ولمّا لم يكن مفهوم المخالفة من الوصف والقيد معتبرا لا يلزم ان يكون هذه محبوبة بل مسكوتا عنها ، وبيانها بالآيات الاخر واخبار الأحكام وهذه الآية في بيان حكم القول الجهر السّوء من احكام القالب واحكام ظاهر الشّريعة ، وامّا الخطرات والخيالات فانّها وان كانت أقوال النّفس وسيّئها سيّء وحسنها حسن لكن لا مؤاخذة عليها في الشّريعة ورفعت عن الامّة المرحومة وكانت عليها مؤاخذة في الطّريقة كما أشاروا إليها بقولهم ، في جواب من سئل عن الخطرات ، هل ريح المنتن وريح الطيّب سواء ، يعنى لطيّبها مجازاة وعلى منتنها مؤاخذة ، وسوء القول اعمّ من كونه كذبا وافتراء ، أو صدقا وغيبة بما لا يجوز ، أو صدقا وغيبة بما يجوز ، أو صدقا من غير اسماع لغير من ينسب السّوء اليه حتّى لا يكون غيبة أو مع اسماع الغير في حضور من ينسب السّوء اليه والكلّ غير محبوب لله الّا قول الجهر السّوء ممّن ظلم ، لكن هذا مجمل محتاج الى البيان لانّه لا يجوز بجميع شقوقه قطعا فبيّنوا المجوّز منه لنا مثل موارد جواز الغيبة ومثل ذكر الضّيف مساوي مضيفه في ضيافته إذا لم يحسن ضيافته ، ومثل تكذيب من يمدحك بما ليس فيك. وقد نسب الى علىّ (ع) انّه قال أستاههم الحفر وقال لخالد : انّما يفعل ذلك من كان استه أضيق من استك ، لكن بقي هل هو محبوب كما هو ظاهر الاستثناء أو ليس بمذموم فنقول : انّه ليس بمحبوب لله على