أو بالرّسول فيما قال في حقّ هذا الحقّ واتّبعوا (خَيْراً لَكُمْ) أو ايمانا خيرا لكم أو حالكونه خيرا لكم أو يكن خيرا لكم (وَإِنْ تَكْفُرُوا) بهذا الحقّ لا تخرجوا من حيطة قدرته وتصرّفه ولا يهملكم من غير عقوبة وجزاء (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) لا يهملكم بل يجزيكم بما يقتضي حكمته (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) بحطّ عيسى (ع) عن مرتبته وجعله لغير رشده ورفعه عن مرتبته بجعله آلها أو ابنا والغلوّ وان كان في الإفراط أظهر لكن صاحب التّفريط في حقّ عيسى (ع) من اليهود باعتبار انّه مجاوز للحدّ في حطّه (ع) عن مرتبة ولد الرّشدة الى اللّغيّة وباعتبار انه مجاوز في حقّ دينه بعد النّسخ الى ابقائه غال وهو تعريض بالمفرط والمفرّط في علىّ (ع) من هذه الامّة (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) لا تقولوا والدا أو ثالث ثلاثة (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) وليس لغيّة كما زعمته اليهود ولا ابنا أو آلها كما زعمته النّصارى (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا) الأقانيم (١) (ثَلاثَةٌ) الله والمسيح (ع) ومريم (ع) وهذا قول بعضهم كما أشار اليه تعالى بقوله: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) اثنين ، والّا فأكثرهم لا يقولون ذلك وسيجيء تحقيقه في سورة المائدة (انْتَهُوا) عن التّثليث (خَيْراً لَكُمْ) مضى نظيره (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له في الآلهة كما توهّمتم يظنّ انّ المناسب لنفى القول بانّ الآلهة ثلاثة ان يقال انّما الإله واحد لكنّه تعالى عدل الى هذا لافادة هذا المعنى منه مع شيء زائد هو تعيين ذلك الواحد لانّه قد يقال : هذا واحد مقابل الاثنين وبهذا المعنى كلّ ذات واحدة وقد يقال : هذا واحد ويراد نفى الشّريك والنّظير والقرين عنه وهذا هو المراد فانّ المقصود انّ الله اله واحد لا شريك له في الآلهة ولا نظير ولا قرين ، وهذا يفيد انّ جنس الإله واحد وذلك الواحد هو الله (سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) كلّ له مملوك لا يماثله شيء ولا يساويه حتّى يكون له ولد (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) يعنى انّه غنىّ عن أخذ الوكيل فلا يحتاج الى ولد يكون وكيلا له (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ) جواب آخر للنّصارى في افراطهم وتوطئة للتّعريض بالمستنكفين من أمّة محمّد (ص) عن عبادة الله في امره بولاية علىّ (ع) (وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ) الاستنكاف التّرفّع على الشّيء بتصوّر نقصان فيه والاستكبار التّرفّع عليه بتصوّر المستكبر رفعة في نفسه (فَسَيَحْشُرُهُمْ) اى العابدين والمستنكفين (إِلَيْهِ جَمِيعاً) وفيه تعريض بالمستنكفين عن قول الله في ولاية علىّ (ع) (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بالبيعة الخاصّة والأعمال المتعلّقة بها ، أو آمنوا بالبيعة الخاصّة وعملوا الأعمال المتعلّقة بها ، وقد عرفت انّ الصّالح أصلا هو الولاية وكلّ ما تعلّق بها فهو صالح من باب الفرعيّة وكلّ ما لم يتعلّق بها فليس بصالح وان كان بصورة الصّالح (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) التّوفية الإعطاء بالتّمام (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً
__________________
(١) ـ الاقنوم بالضم الأصل ، لغة رومية.