وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) قد مضى انّ النصير هو النّبوّة والنّبىّ وانّ الولىّ هو الولاية والولىّ ويقوم مقامهما خلفاؤهما (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) برهان الشّيء ما يدلّ عليه ، والنّور ما به يرى الأشياء ، وقد سبق انّ الرّسالة تنبّه عن الغفلة والجهالة وتدلّ على من يهدى الى الطّريق ، والولاية بها يرى الطّريق فالبرهان محمّد (ص) من حيث الرّسالة والنّور علىّ (ع) من حيث الولاية إذا تحقّقت هذا فلا اعتناء بما قيل في تفسير الآية خصوصا بعد ما فسّره الائمّة الّذين هم أهل ـ الكتاب بما ذكرنا ، والمبين بمعنى الظّاهر أو المظهر وفي ذكر جاء ومن ربّكم في جانب البرهان والانزال مع ضمير المتكلّم في جانب النّور اشارة الى شرافة الولاية بالنّسبة الى الرّسالة ، لا أقول ولاية علىّ (ع) أشرف من ولاية محمّد (ص) ورسالته حتّى يتوهّم متوهّم بل أقول : ولاية محمّد (ص) أشرف من رسالته (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ) لمّا كان ذكر الايمان هاهنا بعد البرهان والنّور فالاولى ان يكون اشارة الى البيعتين فقوله آمنوا بالله اشارة الى البيعة العامّة على يد محمّد (ص) (وَاعْتَصَمُوا بِهِ) اشارة الى البيعة الخاصّة على يد علىّ (ع) (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ) هي موائد الولاية (وَفَضْلٍ) موائد الرّسالة لما مضى انّ الرّحمة هي الولاية والفضل هو الرّسالة (وَيَهْدِيهِمْ) يذهبهم (إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) اى درجات الولاية ولمّا كانت البيعة العامّة متقدّمة على البيعة الخاصّة قدّم الايمان بالله على الاعتصام بعلىّ (ع) ولمّا كان ثمرة الولاية وهي الفناء متقدّمة على حاصل الرّسالة وهو البقاء بعد الفناء عكس في الجزاء وقدّم الإدخال في الرّحمة على الإدخال في الفضل واخّر الهداية الى الصّراط المستقيم لانّها تكون بمجموع الفناء والبقاء و (يَسْتَفْتُونَكَ) اى في الكلالة والأخوّة وميراثها فانّ المراد بالكلالة هنا الأخوّة (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها) تمام مالها (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) اى الوارث بالأخوّة (فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) عن الباقر (ع): إذا مات الرّجل وله أخت تأخذ نصف الميراث بالآية كما تأخذ البنت لو كانت والنّصف الباقي يردّ عليها بالرّحم إذا لم يكن للميّت وارث أقرب منها ، فان كان موضع الاخت أخ أخذ الميراث كلّه بالآية لقول الله وهو يرثها ان لم يكن لها ولد ، فان كانتا أختين أخذتا الثّلثين بالآية والثّلث الباقي بالرّحم ، وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللّذكر مثل حظّ الأنثيين وذلك كلّه إذا لم يكن للميّت ولد وأبوان أو زوجة (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ) كراهة (أَنْ تَضِلُّوا) أو يبيّن الله ضلالكم ، أو يبيّن الله لئلّا تضلّوا ، أو يبيّن الله لضلالكم الحاصل فانّه الدّاعى الى البيان حتّى يرتفع (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فيشرع لكم بحسب مصالحكم.