سورة المائدة
وهي مدنيّة كلّها وقيل سوى قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)
لانّها نزلت في حجّة الوداع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ايمانا عامّا أو خاصّا أو بمعنى اعمّ منهما لانّ الخطاب لعامّة الامّة للتّحريص على امر الولاية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) اعلم انّ سورة النّساء وهذه السّورة نزلتا في خلافة علىّ (ع) والتّرغيب فيها والتّهديد على خلافها ، فكلّما ذكر فيهما من امر ونهى وحلال وحرام وأجر وعقاب وقصّة وحكاية عموما وخصوصا مطلقا ومقيّدا فالمقصود منه الاشارة الى الولاية سواء قلنا ان ذكر علىّ (ع) كان مصرّحا فأسقطوه أو مورّى فلم يفهموه ، وفي أخبارنا تصريحات بانّ ذكره (ع) كان مصرّحا في كثير من المواضع فأسقطوه ، والايمان عامّا كان أو خاصّا قد علمت سابقا انّه ما كان يحصل الّا بالبيعة على يد النّبىّ (ص) أو الامام (ع) أو خلفائهما (ع) وكانت في تلك البيعة معاهدات ومواثقات وشروط تؤاخذ على البائع ، لكن في كلّ من البيعة العامّة والخاصّة بكيفيّة مخصوصة بها غير كيفيّة الاخرى ، وقد أشير الى بعض الشّروط في آية مبايعة النّساء وكان من جملة شروط البيعة العامّة عدم مخالفة المشترى وطاعته في امره ونهيه وكانت البيعة لا تحصل الّا بعقد يمين البائع على يمين المشترى كما هو المعهود اليوم بينهم في المعاملات ، ولذا يسمّى مطلق المبايعة وسائر المعاملات الّتى فيها إيجاب وقبول عقودا للاهتمام بعقد اليد فيها. والوفاء بالعقد عبارة عن الإتيان بمقتضى أصل العقد والإتيان بشرائطه ومعاهداته تماما فالمعنى يا ايّها الّذين بايعوا مع محمّد (ص) أو مع علىّ (ع) أوفوا بجملة العقود من المعاملات بينكم والمبايعة مع الله ولا تدعوا شيئا من شرائطها وعهودها ، وسوق هذا الكلام من ذكر عقد خاصّ في ضمن آمنوا وتعقيبه بذكر جملة العقود عموما والأمر بالوفاء بها يقتضي ان يكون المقصود الوفاء بهذا العقد الخاصّ ، كأنّه قال : يا ايّها الّذين عقّدتم البيعة مع محمّد (ص) أوفوا بجملة العقود خصوصا بهذا العقد أو أوفوا بهذا العقد لكنّه جمع العقود باعتبار تعدّد العاقدين أو باعتبار تعدّد وقوع هذا العقد في عشرة مواطن أو في ثلاثة مواطن ، فالمقصود لا تخلعوا بيعتكم عن رقابكم بالارتداد عن الإسلام أو الايمان ولا تتركوا شرائطها بمخالفة قول النّبىّ (ص) في الأمر بالولاية وروى عن الجواد (ع) انّ رسول الله (ص) عقد عليهم لعلىّ (ع) بالخلافة في عشرة مواطن ، ثمّ انزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) الّتى عقدت عليكم لأمير المؤمنين (ع) وعلى هذا كان المراد بالآية ، الأمر بالوفاء بعقود الولاية