قال : أجل ، الأنبياء خاصّة إذا قيّدت لم يرتفع دعاؤها.
فضحك وقال : متى قيّدت؟
قال : اليوم.
قال : فنحن نطلقك وتأمر جبريل فإن أطاعك آمنّا بك.
قال : صدق الله. فلا وربك لا يؤمنون (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) فإن شئت فافعل.
فأطلق ، فلما وجد رائحة العافية قال : يا جبريل ، ومدّ بها صوته ، ابعثوا من شئتم ، فما بيني وبينكم عمل. هذا محمد بن سليمان في عشرين ألفا ، ودخله كلّ يوم مائة ألف ، وأنا وحدي ، ما ذهب لكم في حاجة إلّا كشحان.
أبو العيناء قال : قال العبّاس : دخل «فزارة» صاحب المظالم على محمد بن سليمان يعوده ، فقال له : خذ من الخلنجين مقدار فارة ، ومن دواء الكركم مقدار خنفساء ، وسوطه بمقدار محجمة من ماء ، فإذا صار كالمخاط فتحسّاه.
فقال : أفعل إن غلبت على عقلي ، وإلّا فلا.
قال : تجلّد ، أعزّك الله.
قال : الصّبر على ما بي أهون.
قال ابن أبي الدّنيا : ثنا أبو محمد العتكيّ : حدّثني الحسين مولى آل سليمان بن عليّ قال : لمّا احتضر محمد بن سليمان كان رأسه في حجر أخيه جعفر ، فقال جعفر : وا انقطاع ظهري.
فقال محمد : وا انقطاع ظهر من يلقى الحساب غدا. يا ليت أمّك لم تلدني ، وليتني كنت حمّالا ، وأنّي لم أكن فيما كنت فيه.
وقيل : إنّ نسّاك البصرة همّوا بتوبيخ محمد بن سليمان ، وقام رجل منهم فوعظه وهو على المنبر ، فخنقت محمدا العبرة ، فلم يقدر أن يخطب ، فقام أخوه إلى جنبه ، فتكلّم عنه فأحبّه النّسّاك وقالوا : مؤمن مذنب.