أليس محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!» قال : بلى. قال : «فكيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنّه جاء من عند الله ، وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) و (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ثم يقول : أنا رأيته بعيني وأحطت به علما ، وهو على صورة البشر! أمّا تستحيون ، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا : أن يكون يأتي عن الله بشيء ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر» (١).
ومن وقف على كتب أهل الحديث والأشاعرة ، يقف على أنّ لهم في إثبات الرؤية ، صخبا وهياجا وإصرارا منقطع النظير ، وترى أنّ الإمام كيف قطع الطريق على أبي قرّة الذي اغترّ بأحاديث مدسوسة اختلقتها اليهود وأنصارهم وبثّوها بين المسلمين ، ولو لا ضيق المجال لنقلت قسما وافرا من خطبهم ومناظراتهم عليهمالسلام في مجال العقائد حتى تقف على أنّ حديثهم هو المنطلق الرابع لنشوء علم الكلام ونضوجه وتكامله.
فمن المؤسف جدا أن يتّهم شيعة العترة الطاهرة بما في كلام المستشرق (آدم متز) فقد وصفهم بأنّه لم يكن للشيعة مذهب كلامي إلى القرن الرابع ، مع أنّ فيهم أئمّة المسلمين وقادة الأمّة الذين يصدق فيهم قول الشاعر :
من تلق منهم ، تلق كهلا أو فتى |
|
علم الهدى بحر الندى المورودا |
إلى هنا ، تبيّن أنّ أحد الأسباب لنشوء علم الكلام هو العامل الداخلي الذي لا يتجاوز عن إطار القرآن والسنّة النبوية وكلمات العترة الطاهرة ، وهناك عامل خارجي صار سببا لنموّ الأفكار الكلامية المأخوذة عن الأصول الموجودة في الكتاب والسنّة وهو وجود الصراع الفكري بين المسلمين وغيرهم ، وإليك بيانه :
__________________
(١) الصدوق : التوحيد : ١١٠ ـ ١١١ ح ٩.