٧. النسخ في الشريعة :
إنّ مسألة إمكان النسخ في مجال التشريع اكتسبت لنفسها مكانة بين المسائل الكلامية ، وبما أنّ اليهود كانت منكرة لنبوة المسيح والنبي الخاتم ، عادت تنكر إمكان النسخ متمسّكة بما في التوراة : «إنّ هذه الشريعة مؤبدة عليكم ولازمة لكم ما دامت السموات لا نسخ لها ولا تبديل» ومستدلة بأنّ النسخ مستلزم للبداء أي الظهور بعد الخفاء.
فصارت تلك الفكرة سببا لطرح تلك المسألة على الصعيد الإسلامي ، فأخذ المتكلّمون بالبحث والنقد وأنّ النص في التوراة إمّا منحول أو مؤوّل ، وإنّ النسخ لا يستلزم البداء المستحيل وإنّما هو إظهار بعد إخفاء وإنّه من قبيل الدفع لا الرفع.
٨. عصمة الأنبياء :
إنّ أبرز ما يفترق فيه القرآن عن العهدين هو مسألة حياة رجال الوحي والهداية الذين وصفهم الله سبحانه بقوله : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) (١) وقد ذكر من قصصهم الشيء الكثير فلا تجد فيه شيئا يمسّ كرامتهم أو يحطّ من مقامهم وأمّا التوراة والإنجيل (المحرّفتان) فقد جاءا بأسطورات خيالية تمسّ بكرامة الله أوّلا ، وكرامة أنبيائه ثانيا ، فالأنبياء فيها يشربون الخمر (٢) يمكرون (٣) ويقترفون الزنا (٤) إلى غير ذلك ممّا يخجل القلم من ذكره.
فصار ذلك سببا لطرح مسألة العصمة بين المسلمين ، فهم بين مثبت وناف ومفصّل ، وإن كان النافي بينهم أقل.
__________________
(١) ص : ٤٧.
(٢) العهد القديم ، سفر التكوين ، الاصحاح التاسع ، الجملات ٢٠ ـ ٢٥.
(٣) العهد القديم ، سفر التكوين ، الاصحاح التاسع والعشرون ١٨ ـ ٣٨.
(٤) العهد القديم ، صموئيل الثاني ، الاصحاح الحادي عشر ٤٩٧.