هؤلاء اثنا عشر رجلا من رجال الدعوة والإصلاح والذبّ والدفاع عن حريم العقيدة ، المعروفون بنفسيّاتهم الكريمة ، وملكاتهم الفاضلة ، وسعيهم وراء الدعوة إلى الحق ، ومع ذلك نراهم بين مصلوب على جذوع النخل ، إلى مذبوح كما تذبح الشاة ، إلى صريع في ميدان الجهاد ، إلى منفيّ إلى صحراء لا ماء فيه ولا عشب ، فهلك والتراب فراشه ، والسماء شعاره ، إلى غير ذلك من ألوان العذاب التي عمّت هؤلاء الذابّين عن حريم العقيدة.
وما نقموا منهم ، سوى الاصحار بالحقيقة ، والإجهار بالولاية ، والسعي وراء مصالح الأمّة وراء العقيدة الحقّة.
فبعض هؤلاء إن لم يكونوا متكلّمين بالمعنى المصطلح ، لكن كانوا ذابّين عن حريم العقيدة بالكتاب والسنّة ، والبعض الآخر كان من أكبر متكلّمي عصرهم لا يشقّ غبارهم ولا يدرك شأوهم.
متكلّمو الشيعة في القرن الثاني :
١. زرارة بن أعين بن سنسن :
مولى (بني عبد الله بن عمرو السمين بن أسعد بن همام بن مرّة بن ذهل بن شيبان) ، أبو الحسن ، شيخ أصحابنا في زمانه ، ومتقدّمهم ، وكان قارئا فقيها متكلّما شاعرا ، أديبا ، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين ، صادقا في ما يرويه.
قال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه : رأيت له كتابا في الاستطاعة والجبر (١). وقال ابن النديم : وزرارة أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا
__________________
(١) النجاشي : الرجال ١ / ٣٩٧ برقم ٤٨١ ، الطوسي : الفهرست : برقم ٣١٤ ، الكشي : الرجال : برقم ٦٢ ، الذهبي : ميزان الاعتدال : ٢ / برقم ٢٨٥٣.