تغاير الاعتباران ، ولأنّ عدم اقتضاء ذاته للوجود والعدم اعتبار حاله (١) من حيث هو مع قطع النظر عن وجود غيره وعدمه ، وأمّا تعلّقه بالغير وتوقّفه عليه فذلك اعتبار حاله بالنسبة إلى الغير (٢).
البحث الثاني : في أقسامه (٣)
الإمكان بالنسبة إلى الضرورة ، كالعدم بالنسبة إلى الحقيقة. ولما كانت أقسام العدمات تابعة لأقسام الملكات ، كان الإمكان تابعا للضرورة في التقسيم. ولما كانت الضرورة إمّا ذاتية أو غير ذاتية. والذاتية إمّا بالنظر إلى الوجود أو بالنظر إلى العدم ، كان سلبها كذلك.
فالإمكان وضع في اللغة بإزاء سلب الضرورة ، فإن سلب ضرورة الوجود ، كان إمكانا عاما سلبيا ، وإن سلب ضرورة العدم ، كان إمكانا عاما إيجابيا ، وإن سلب الضرورتين معا ، كان إمكانا خاصا. وإن سلب الضرورة الذاتية والمشروطة ، كان إمكانا أخصّ. وإن أخذ ذلك باعتبار المستقبل كان إمكانا استقباليا.
فالإمكان العام ، إن أخذ بالنظر إلى الوجود ، كان ممكن الوجود هو «الذي لا يمتنع وجوده» وهو يشمل أمرين : وجوب الوجود ، وإمكان الوجود والعدم.
وإن أخذ بالنظر إلى العدم ، كان ممكن العدم هو «الذي لا يجب وجوده» وهو يشمل أمرين : وجوب العدم أعني الممتنع ، وإمكان الوجود والعدم.
__________________
(١) ق : «حالة» والصواب ما أثبتناه في المتن من نسخة : م.
(٢) فظهر الفرق بين اعتبار الشيء من حيث هو هو واعتباره من حيث تعلّقه بالغير ، ففي الأوّل اعتبار الشيء وحده وفي الثاني اعتباره مع غيره. راجع المباحث المشرقية ١ : ٢٠٧.
(٣) لاحظ تفصيل الكلام في شرح الإشارات ١ : ١٥١ وما بعدها ؛ الأسفار ١ / ١٤٩ ـ ١٥٤ ، الفصل السابع «في استقراء المعاني التي يستعمل فيها لفظ الإمكان».