أو يوجد له البياض ، أو يقال : الماء يمكن أن يصير هواء ، والمادة يمكن أن تصير موجودة بالفعل (١). وظاهر : أنّ جميع هذه الإمكانات محتاجة إلى موضوع موجود معها ، وهو محلّها (٢). وأمّا الإمكان بالقياس إلى وجود بالذات ، فيكون للشيء بالقياس إلى وجوده. ولا يخلو إمّا أن يكون ذلك الشيء ممّا يوجد في موضوع ، أو مادّة ، (٣) أو مع مادّة (٤) ، كما يقال : البياض يمكن أن يوجد أو يكون ، وكذلك الصورة والنفس. وحكم هذا الإمكان في الاحتياج إلى موضوع حكم القسم الأوّل (٥) ، ويكون موضوعه حامل وجود ذلك الشيء. وأمّا ما لا يكون كذلك ، بل يكون ذلك الشيء قائما بنفسه ، لا علاقة له بشيء من الموضوع والمادة ، فإنّه لا يكون محدثا ، وإلّا لسبقه إمكانه. ولا يمكن أن يتعلّق بموضوع دون موضوع ، إذ لا علاقة له بشيء. فإمكانات الحوادث تكون قبل وجودها ، ويعبّر عنها بالقوّة ، فيقال : هذه الموجودات في موادّها بالقوّة ، وهي تختلف بالبعد والقرب ، ويزول عنها مع خروج الوجودات (٦) من القوّة إلى الفعل. وإنّما يقع اسم الإمكان عليها بالتشكيك. وأمّا إمكان (٧) الموجودات الممكنة في أنفسها ، فهي أمور لازمة لماهيّاتها عند تجرّدها عن الوجود والعدم بالقياس إلى وجوداتها ، وكذلك الوجوب والامتناع.
فقد ظهر الفرق بين الإمكانين عند تعلّقهما بما في الخارج ، وأنّ إمكان مثل
__________________
(١) والمادة قبل انطباع الصورة فيها تكون بالقوّة بالنسبة إليها.
(٢) عبّر ب «المحلّ» لأنّه اسم مشترك بين الموضوع للعرض ، والمادة للصورة.
(٣) في المصدر : «أو في مادة».
(٤) وهي النفس التي ليست منطبعة في المادة كالصورة ، ولذا قال : «مع مادّة».
(٥) أي الإمكان بالقياس إلى وجود بالعرض.
(٦) في المصدر : «الموجودات».
(٧) هذا هو الإمكان الذاتي ، وما مرّ في عباراته السابقة هو الإمكان الاستعدادي.