هذه الأشياء المجرّدة صفة لماهيّاتها المجرّدة عن الوجود والعدم في العقل ، وهي من حيث ثبوتها في العقل موضوع. والإمكان بهذا الاعتبار ، كعرض في موضوع ، وهو أيضا صفة لوجوداتها ، ويكون بهذا الاعتبار كاضافة لمضاف إليه (١).
والجواب : قد بيّنا ضعف حلول إمكان الشيء في موضوعه ، للتغاير بين الموضوع والحال ، إلّا على سبيل التبعيّة ، وحينئذ يلزم المحذور الذي فرّ منه (٢).
وقوله (٣) : «ما لا يكون كذلك لا يكون محدثا وإلّا لسبقه إمكانه».
قلنا : الإمكان سابق إمّا بالزمان أو بالذات قطعا ، لكن لا في الخارج ، لما بيّنا من كون الإمكان أمرا اعتباريا ، وجعل الإمكان واقعا بالتشكيك لا يفيده شيئا (٤) على تقدير ثبوته. وباقي كلامه سبق جوابه.
الوجه الخامس : لو كانت الإمكانات ثبوتية لزم وجود ما لا يتناهى دفعة مع ترتيب عقلي ، والتالي باطل ـ لما سيأتي في بطلان التسلسل ـ فالمقدم مثله.
بيان الشرطية : أنّ الحوادث غير متناهية في المستقبل ، فتكون لها إمكانات لا تتناهى ، ولمّا كانت الحوادث مترتبة ترتّبت (٥) إمكاناتها ، وهو محال. ثمّ نقول هذه الإمكانات لا يمكن اجتماعها ، فإنّ الإمكان ـ من حيث طبيعة الإمكان ـ لا تختلف أفراده ، ومن حيث المادة الحاملة لها لم تختلف ، فليس اختلاف الإمكانات الغير المتناهية إلّا لاختلاف ما هي امكاناته ، وهي الحوادث المعدومة ، ويستحيل
__________________
(١) م : «بمضاف إليه». انتهى كلام الطوسي ، شرح الإشارات ٣ : ٩٩ ـ ١٠٨ ، مع تلخيص العبارات.
(٢) م : «فرضه».
(٣) أي قول الطوسي الذي مرّ آنفا.
(٤) ق : «يفيد شيئا».
(٥) ق : «ترتيب» وهو من خطأ الناسخ.