بتأثير القدرة في العالم. ولأنّا نصف المؤثر بأنّه مؤثر في ذلك الأثر ، والوصف مغاير للموصوف. ولأنّا نعلّل الأثر بكون المؤثر أثّر فيه ، لا بذات الأثر ، فنقول : إنّما وجد الأثر ، لأنّ الله تعالى أوجده ، ولا نقول : إنّما وجد الأثر ، لأنّ الله تعالى موجود ، فاذن المؤثرية مغايرة للمؤثر والأثر معا.
وإن كان مغايرا لهما (١) ، فإمّا أن يكون قائما بنفسه ، أو عارضا لغيره ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ، فلأنّ المفهوم من التأثير «نسبة بين المؤثر والأثر» والنسبة بين الشيئين لا يعقل قيامها بذاتها وجوهريتها. ولأنّه إمّا واجب لذاته ، أو ممكن لذاته ، وكلاهما محال. أمّا الأوّل فلاستحالة تعدد واجب الوجود. وأمّا الثاني ، فلأنّه يلزم منه التسلسل. ولأنّ هذا الجوهر ، إمّا أن يكون بينه وبين الأثر نسبة أو لا. والأوّل باطل ، لأنّ الكلام (٢) في تلك النسبة ، كما في الأوّل ويتسلسل. والثاني باطل ، وإلّا لم تكن بينه وبين الأثر نسبة وإضافة ، فيكون أجنبيا عن الأثر بالكلّية.
وأمّا الثاني ، فلأنّ العارض ممكن ، فله مؤثر فتأثير المؤثر فيه زائد عليه ، ويلزم التسلسل المحال. وبتقدير صحّته ، فالمحال لازم من جهة أخرى ، فإنّ التسلسل إنّما يعقل لو فرضنا أمورا متتالية إلى غير النهاية ، ويكون كلّ واحد متلوّا بصاحبه ، وإنّما يكون متلوا بصاحبه لو لم يكن بينه وبين صاحبه ثالث ، لكنّ ذلك محال ، لأنّ تأثير المتلو في التالي متوسط بينهما ، وقد كان لا يتوسط ، هذا خلف.
وأمّا امتناع كون المؤثّرية وصفا عدميا ، فلأنّ المؤثّرية نقيض اللامؤثرية ، وهذا النقيض عدمي ، لأنّه يحمل على العدم ، والمحمول على العدم عدم ، ونقيض
__________________
(١) هذا هو الشقّ الثاني من قوله : «إن كان ثابتا في الخارج» والشقّ الأوّل قوله : «فإن كان نفس المؤثّر أو الأثر».
(٢) م : «اللازم».