لا يقال : هذا الدليل قائم بعينه في الإمكان. لأنّا نقول (١) : الإمكان صفة للممكن، فيتأخّر عنه بالذات ، والممكن متأخّر عن (تأثير المؤثّر فيه الذي هو الايجاد والايجاد متأخّر عن) (٢) الاحتياج المتأخّر عن علّته ، فلو كانت العلّة هي الإمكان ، لزم تقدّم الشيء ـ وهو الإمكان ـ على نفسه (٣) بمراتب ، فيلزم خروج الإمكان عن العلّية بعين ما خرج به الحدوث.
لأنّا نقول : لا نسلّم قيام الدليل في الإمكان ، لأنّ قوله : «الممكن متأخّر عن تأثير المؤثر فيه» غلط ، بل إنّما يتأخّر في وجوده أو عدمه عنه المتأخّرين عن ذاته ، وبسببهما احتاج الممكن إلى المؤثر ، ثم إلى علّة الاحتياج (٤).
احتجّوا بوجوه.
الأوّل : لو كان الإمكان علّة الحاجة إلى المؤثر ، لكان الممكن المعدوم محتاجا ، والتالي باطل ، لأنّ العدم نفي محض ، فلا يتحقّق فيه التأثير ، لأنّ العدم ليس بأثر فلا تأثير ، والشرطية ظاهرة.
الثاني : لو كان الإمكان علّة الحاجة لكان الممكن الباقي محتاجا ، والتالي باطل بما يأتي ، فالمقدّم مثله ، والشرطية ظاهرة.
الثالث : الضرورة قاضية ، بأنّ كلّ حادث ، فلا بدّ له من محدث.
والجواب عن الأوّل : ما تقدّم من «احتياج الممكن في عدمه إلى سبب هو عدم مؤثره» ، فبالحقيقة علّة الوجود هي علّة العدم ، لكن إن حضرت أثرت الوجود ، وإن عدمت أثرت العدم ، وكونه نفيا محضا ، لا ينافي تميّزه باعتبار نسبته
__________________
(١) تتمة لقوله : لا يقال ، وليس جوابا له.
(٢) ق : ما بين الهلالين ساقط.
(٣) في النسخ : «على نفسه وهو الامكان» ، والأفضل ما أثبتناه طبقا للسياق.
(٤) انظر المعارضة وجوابها في نقد المحصل : ١٢٠.