واعلم : أنّ الجنس قد يمكن أن يؤخذ باعتبارين معا ، فإنّ الحيوان يمكن أخذه بشرط لا شيء ، فإنّ شرط الشيء هنا يراد به ما من شأنه أن يدخل في مفهوم الحيوان عند صيرورته محصّلا ، فإنّ المعاني الجنسيّة إنّما تتحصل بالفصول.
البحث الثاني : في تقسيم الماهية (١)
الماهيّة إمّا أن تكون بسيطة ، وإمّا أن تكون مركّبة. وللبسيط تفسيران :
أحدهما : الذي لا تلتئم حقيقته من أمور.
والثاني : الذي تتساوى أجزاؤه في الاسم والحدّ.
والمراد هنا الأوّل.
والمركّب هو الذي تلتئم حقيقته من عدة أمور. والحسّ دلّ على وجوده.
ولا بدّ من وجود البسيط ، وإلّا لزم تركّب كلّ ماهيّة من أمور غير متناهية كلّ واحد من تلك الأمور مركّب من أمور غير متناهية. وهكذا إلى ما لا يتناهى ، وهو غير معقول ، لاستلزامه وجود الكثرة من دون الوحدات.
والضرورة قاضية ، بأنّ كلّ كثرة سواء كانت متناهية أو غير متناهية ، فإنّ الواحد فيها(٢) موجود ، لأنّه جزء ، ولا وجود للكلّ بدون جزئه ، ثمّ ذلك الواحد إن كان مركّبا لم يكن واحدا ، هذا خلف ، وإلّا فالمطلوب.
قال أفضل المتأخّرين : مجموع أجزاء الماهيّة نفسها ، وإلّا لكان إمّا داخلا فيها ، وهو محال (٣) ، وإلّا لكان هناك جزء آخر ، فلم يكن ما فرضناه مجموع
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية : ١ : ١٤٢ ؛ لمواقف : ٦١.
(٢) ق وج : «منها».
(٣) ق : «إمّا داخلا فيها وهو محال» ساقطة.