متغايرتين ، كالمادة والصورة.
قيل : إنّه لا يكفي احتياج بعض الأجزاء إلى ما يحتاج إليه الآخر وإن استغنى عن الآخر ، وإلّا لتمت الحقيقة بالمحتاج والمحتاج إليه ، دون الآخر ، فلا يكون الآخر جزءا ، بل ما احتاج إليه الآخر ، مثلا الحيوان غير متقوّم بالضاحك ، وإن احتاج إلى ما يحتاج إليه الضاحك وهو الناطق. والملازمة ممنوعة.
البحث الثالث : في أنّ البسائط هل هي مجعولة أم لا؟ (١)
اختلف الناس في ذلك ، بعد اتفاقهم على أنّ وجود الممكن البسيط إنّما يحصل بالفاعل ، فليس النزاع في أنّ وجود البسيط هل يحصل بالفاعل أم لا ، بل في ماهيته ، مثلا : هل السواد سواد بالفاعل أم لا؟.
فذهب أكثر الأوائل وقدماء المعتزلة إلى أنّها غير مجعولة.
وذهب آخرون ، خصوصا من جعل الوجود نفس الماهية ، إلى أنّها مجعولة (٢).
احتجّ الأوّلون بوجوه :
الأوّل : علّة الحاجة إلى المؤثر إنّما هي الإمكان ، وهو أمر إضافي لا يعقل تحقّقه بالنسبة إلى شيء واحد ، لاحتياج الإضافة إلى مضافين ، إذ من خاصّيتها (٣) التعاكس. وإذا لم يعقل عروض الإمكان للواحد إلّا باعتبار حصول شيء آخر له كوجود أو عدم ، استحالت الحاجة عليه لانتفاء علّتها (٤).
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ١٤٣ ـ ١٤٤ ؛ لمواقف : ٦٢ ـ ٦٣ وقد قال فيه : «إنّ هذه المسألة من المداحض».
(٢) راجع كشف المراد : ٨٩.
(٣) م : «خاصتها».
(٤) م : «علّته».