البحث الرابع : في الفرق بين الجزء وغيره (١)
للجزء خواص ثلاثة : إضافيتان وحقيقية هي : (٢) تقدّمه (٣) في الوجودين والعدمين ، لأنّ الماهية معلولة للأجزاء ، والعلّة متقدّمة على المعلول ، وعدم العلّة متقدّم أيضا على عدم المعلول ، لكونه علّة له. فالعشرة إنّما توجد إذا وجدت آحادها بأجمعها ، وعدم أيّ واحد كان منها علّة في عدمها (٤) فكلّ واحد من الأجزاء علّة ناقصة في تحقّق العشرية ، وعدم كلّ واحد علّة تامّة في عدمها.
والفرق ، أنّ الوجود لمّا توقّف على تحقّق جميع الأجزاء توقّف المعلول على علّته ، وكان عدم العلّة الناقصة ، علّة تامة في عدم المعلول ، لزم توقّف الوجود على الجميع والعدم على عدم أيّ واحد كان. ولمّا وجب التطابق بين الصورة العقليّة والخارجية ـ وإلّا لم تكن الصورة المعقولة (٥) صورة للخارجية ـ وكانت الأجزاء لذاتها متقدّمة في الوجود الخارجي على الماهيّة ، وجب أن يكون في العقل أيضا كذلك ، فإنّه يستحيل تعقّل الماهيّة مفصّلة ، إلّا بعد تعقّل جميع أجزائها ، إذ لو عقلت الحقيقة مفصّلة بدون جزئها لم يكن ذلك جزءا (٦) لها ، بل وصفا خارجيا عنها.
والحاصل : أنّ الماهيّة ليست إلّا مجموع تلك الأجزاء ، وحصول المجموع
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ١٤٤ ـ ١٤٦ ؛ كشف المراد : ٩٠.
(٢) أي الخاصة الحقيقية.
(٣) ق : «متقدمة» ، والصواب ما أثبتناه من : م.
(٤) م : «عدم كل واحد منها علّة في عدمها».
(٥) ق : «المعلومة».
(٦) م : «الجزء».