مبدأ عدميّ هو أنّه لا مبدأ له ، أو كلّها ثبوتيّة ، فإمّا أن تكون كلّها حقيقة متشابهة كتركّب العدد من الوحدات ، أو مختلفة معقولة كتركّب الجسم من الهيولى والصورة ، والعدالة من العفّة والحكمة ، والشجاعة من الإقدام والعقل. أو محسوسة كتركيب الخلقة من اللون والشكل ، والبلقة (١) من السواد والبياض.
وأمّا أن تكون كلّها إضافية كالأقرب والأبعد ، فإنّهما دالّان على إضافات عارضة لاضافات. أو بعضها حقيقية وبعضها إضافية ، كالسرير الذي يعتبر في تحقّق ماهيّته الأجزاء الخشبية ، وهي موجودات حقيقيّة هي الأجزاء الماديّة ، والترتيب الذي هو الجزء الصوري وهو أمر نسبي ، لا أنّه ماهيّة متأصّلة بنفسها.
واعلم : أنّ أكثر هذه الأقسام لا باعتبار الأمر (٢) نفسه ، بل باعتبار عمل الذهن ، وأخذ العارض للشيء جزءا مع ذلك الشيء.
البحث الثالث :
في ما وجد من الأقسام المذكورة في الجواهر والأعراض (٣)
اعلم : أنّ الجوهر الذي هو احدى المقولات العشر بسيط غير مركّب البتة ، وإلّا لم يكن جنسا عاليا. ثمّ إنّ أنواعه يجب تركّبها ، وإلّا لم يكن جنسا.
وإذا وجب تركّبها ، فقد يتركّب بعض أنواعه من جنس وفصل عقليين ، كتركّب المفارقات كالعقول والنفوس من أجناسها وفصولها ، فإنّ الجنس فيها لا يتميّز عن الفصل في الوجود الخارجي. وقد يتركّب من جنس وفصل خارجيين ،
__________________
(١) بلق الشيء : كان فيه سواد وبياض. قطر المحيط ١ : ١٣٨. والبلقة بالضم مصدر.
(٢) ق : «الأمر» ساقطة.
(٣) راجع المباحث المشرقية ١ : ١٥٢.