كالإنسان المركّب من الحيوان (١) والناطق. و [قد يتركب] (٢) من أجزاء متباينة لا يكون بعضها جنسا للبعض ، بل ولا يكون محمولا عليه ، إمّا في العقل ، كتركّب الجسم من الهيولى والصورة. أو في الحس كتركّب البدن من الأعضاء ، والبيت من السقف والجدار.
وكذلك العرض قد يتركّب من أجزاء عقليّة ، كما بيّنا في السواد من تركّبه من اللون والقابضيّة اللذين لا يتميّزان إلّا في العقل. وقد يتركّب من أجزاء خارجيّة كتركّب المثلث ، فإنّه سطح تحيط به ثلاثة أضلع ، فالسطح جنس والأضلع الثلاثة أو احاطتها بالسطح فصله. ولكلّ واحد من هذا الجنس والفصل وجود يتميّز به في الخارج عن الآخر. وقد يتألف من أجزاء متباينة كتألّف العدد من الوحدات ، والخلقة من اللون والشكل.
البحث الرابع :
في طريق معرفة تركّب الماهيّة من الجنس والفصل (٣)
قد عرفت في ما تقدّم خاصّة الجزء المطلقة ، وهي السبق في الوجودين والعدمين ، فإذا فرض حقيقتان اشتركتا من وجه ، واختلفتا من آخر ، ووجدت تلك الخاصة في المشترك والمميّز حكمنا بأنّهما جزءان ، لكلّ واحدة من الحقيقتين وقضى العقل بأنّ جهة الاشتراك مغايرة لجهة الامتياز ، فكمال الجزء المشترك هو الجنس ، وكمال الجزء المميّز هو الفصل.
واعلم : أنّه ليس مجرد اشتراك الحقيقتين في وصف ، واختلافهما في آخر
__________________
(١) ق : «و» ساقطة.
(٢) أضفناها طبقا للسياق.
(٣) راجع المباحث المشرقية ١ : ١٥٤.