البحث السابع : في النسبة بين الجنس والفصل (١)
اعلم : أنّ كلّ واحد منهما يناسب صاحبه في كونهما جزئي النوع على المعنى الذي قرّرناه في البحث السابق.
والفصل مقسّم للجنس (٢) على معنى : أنّ الطبيعة الجسميّة باعتبار ضمّ الفصل إليها تصير خاصّة مباينة في التحصيل للحصّة الأخرى المنضمّة إلى الفصل الآخر. وبهذا الاعتبار يمتنع أن يكون الفصل لازما للطبيعة الجنسيّة ، وإلّا لوجد في جميع صور وجودها فلا يكون مقسّما لها ولا أخص ولا يحدث بسبب انضمامه إلى الطبيعة تخصيص لبعض أفرادها عن البعض.
وقد زعم بعض من لا مزيد تحقيق له : أنّ الجنس لا يجب أن يكون لازما للفصل. وتمسّك بأنّ النطق الذي هو مبدأ فصل الإنسان مشترك بين الإنسان والملك ، مع أنّ الملك ليس بحيوان ، لأنّ النطق هو «القوّة على إدراك المعلومات» وهو معنى مشترك بين الإنسان والملك ، والحيوان مشترك بين الإنسان والفرس ، فإذا اعتبرنا حال الإنسان مع الفرس ، كان الحيوان جنسا والناطق فصلا. وإذا اعتبرنا حال الإنسان مع الملك ، كان الناطق جنسا والحيوان فصلا ، فجوّز انقلاب كل من الجنس والفصل إلى الآخر.
والجواب : ليس فصل الإنسان عبارة عن النطق الذي هو «القوّة على إدراك
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ١٥٧.
(٢) نسبة الفصل إلى الجنس تسمّى بالتقسيم ، وإلى النوع بالتقويم ، أي تقويم ماهية النوع ، وإلى الحصّة والفرد تسمى بالتقويم أيضا ، لكن بمعنى تقويم الوجود. راجع شرح الإشارات ١ : ٨٩. ومن هذا الكتاب ص ٢٠٠.