البحث التاسع : في ترتّب الأجناس في الحمل (١)
لمّا كان الجنس هو المقول على كثيرين ، وجب أن يكون محمولا عليها. فإنّ المقوليّة هي الحمل ، فإذا فرض للنوع جنسان مترتّبان أحدهما أعمّ من الأخر ، كان حمل الجنس القريب الأخص (٢) على النوع علّة لحمل البعيد عليه ، فإنّ حمل الحيوان علّة لحمل الجسم على الإنسان ، (إذ يستحيل أن يكون الجسم محمولا على الإنسان) (٣) ، إلّا بعد صيرورته حيوانا ، لأنّا قد بيّنا أنّ الجنس أمر مبهم عند العقل وفي نفس الأمر ، وإنّما يتحصّل بالفصول ، وإذا توقّف تحصّله في الذهن والخارج على فصوله ، فحمله أولى بالتوقّف.
ولمّا كان الجسم الذي ليس بحيوان مسلوبا عن الإنسان ـ لا أنّه (٤) موجب عليه ـ وجب أن يكون المحمول عليه (٥) هو الجسم الذي هو الحيوان. فلمّا كانت الحيوانيّة شرطا في حمل الجسميّة على الإنسان كان حمل الحيوانيّة على الإنسان أقدم من حمل الجسميّة عليه.
لا يقال : الجنس البعيد جزء من الجنس القريب ، والجزء مقدّم على الكلّ ، فكان أقدم منه في الحمل.
لأنّا نقول : ليس تقدّم الجزء في الوجود مقتضيا لتقدّمه في الوجود للنوع ، فإنّه لا استبعاد في أن يكون الشيء متقدّما على آخر في نفس الأمر والوجود ، ويكون
__________________
(١) راجع : المباحث المشرقية ١ : ١٦٢.
(٢) م : «الأخص» ساقطة.
(٣) م : ما بين الهلالين ساقطة.
(٤) ق : «لأنّه».
(٥) في المخطوطات «علته» والصواب ما أثبتناه ليتسق الكلام.