بين أن يجعلوا الواجب لذاته تسعة ، وبين أن يجعلوها معلولات لذات واجبة هي علّتها. وهذا شيء إن احترزوا عن التصريح به لفظا ، فلا محيص لهم عن ذلك معنى (١) ، فظهر أنّهم غير متّفقين على القول بنفي العلّة والمعلول ، مع اتّفاقهم على القول بالحدوث (٢).
وأيضا المتكلّمون إنّما منعوا من إسناد القديم إلى الفاعل ، ليس لقولهم : «علّة الحاجة هي الحدوث» ، فإنّ هذا القول مختصّ ببعضهم ، ولم يتفقوا عليه ، لكن لقولهم بأنّ «ما سوى الله تعالى وصفاته محدث» والأحوال التي ذكرها (٣) عند مثبتيها ليست بموجودة ولا معدومة ، فلا توصف بالقدم على ما ذكره (٤) في تفسير القديم وهو : أنّ القديم ما لا أوّل لوجوده ، إلّا أن يغيّر التفسير ويقول : القديم ما لا أوّل لثبوته ، على أنّ الوجود والثبوت مترادفان (٥) ، لكنّه يقول هنا ما قاله المتكلّمون وليس عند بعضهم معناهما واحدا. و «أبو الحسين» لا يقول بالحال ، لكنّه يلزمه أن يقول : العلم صفة قديمة معلّلة بالذات (٦).
وأمّا الأشاعرة فيقولون بصفات قديمة ، لكنّهم يقولون : لا هي الذات ولا غيرها ، فلذلك لا يطلقون المعلوليّة عليها.
والحقّ : أنّ جميعهم أعطوا معنى القديم في الحقيقة على هذه الصفات (٧) ،
__________________
(١) في المصدر «ذلك المعنى».
(٢) شرح الإشارات ٣ : ٨١ ـ ٨٢.
(٣) م : «ذكروها» والصواب ما في المتن ، أي ذكرها الرازي.
(٤) م : «ذكروها».
(٥) في المصدر : «عنده مترادفان».
(٦) ق وج : «بالذات» ساقطة ، وأثبتناها من : م ، والمصدر.
(٧) في النسخ : «معه» بعد «الصفات» ، وفي المصدر : «معنى» ، والظاهر عدم الحاجة إليهما في العبارة.