لارتفاع العلّة من غير عكس ، كما كانا في طرف الوجود على هذه النسبة ، فإنّهما يوجدان معا بالزمان ، ويكون وجود كلّ من العلّة والمعلول مع وجود صاحبه ، لكنّ وجود المعلول يكون تابعا ومعلولا لوجود العلّة.
وأمّا في الثاني ، فإنّ وجود المتقدّم (١) لا ينفرد بإيجاد المتأخّر ، بل يحتاج إلى غيره ينضم إليه ، حتى يتحصّل للمتأخر وجود ، فالمتأخّر بالذات يستلزم المتقدّم في الوجود من غير انعكاس ، فإنّ المتقدّم يمكن أن يوجد لا مع المتأخّر ، أمّا المتأخّر فلا يمكن أن يوجد إلّا مع المتقدّم.
وقد يقال لهذا المشترك : تأخّر وتقدّم بالطبع. وقد يقال : المشترك تأخّر بالذات فيكون مشتركا لفظا بينه وبين المتأخّر بالذات. ويقال للمتقدّم بالعلّية : إنّه متقدّم بالطبع أيضا (٢) ، فالتقدّم بالعلّية مختصّ بالأوّل لا غير ، ولا شركة لفظية فيه ، وأمّا التقدّم بالطبع وبالذات فيقالان بالاشتراك على الأوّل والثاني والمشترك (٣) ، وهذا التقدّم المشترك هو التقدّم الحقيقي الذي لا ينقلب إلى صاحبه ، فإنّ العلّة وجزئها لا يمكن تأخّرهما عن المعلول (٤) بخلاف المتقدّم بالزمان وغيره من أقسام التقدّم الذي يجوز أن ينقلب المتقدّم فيه فيصير متأخّرا ، وهو هو في الحالين.
الثالث : التقدّم بالزمان
وهو أن يكون شيئان في زمانين ، ابتداء وجود أحدهما في زمان ، والآخر في زمان آخر ، ومن المعلوم بالضرورة تقدم أحد الزمانين على الآخر ، فما قارن وجوده
__________________
(١) ق : «المتقدم» ساقطة.
(٢) في ق سقط من قوله «وقد يقال» إلى قوله «بالطبع أيضا».
(٣) نفس المصدر.
(٤) ولهذا خصّه الشيخ بأنّه الذي يكون باستحقاق الوجود ، نفس المصدر : ١٠٩.