وعن الخامس : أنّ البرهان إنّما هو على صفة من صفاته وهو كونه بديهيّا ، فإنّ كون البديهي بديهيا يجوز أن يكون مكتسبا. ولا يلزم من وقوع الخلاف في أنّ تصوّره بديهي أو لا ، أن لا يكون بديهيا ، فإنّ كونه بديهيا حال من أحوال التصوّر لا نفسه.
البحث الثاني : في تحقيق ماهيته
وفيه مقامان :
المقام الأوّل : في أنّه بسيط البسيط (١)
يراد به معنيان : أحدهما : الوجود (٢) الذي لا جزء له. والثاني : الذي يتساوى أجزاؤه في الحدّ. والمراد هنا الأوّل ، وظاهر أنّ الوجود كذلك. فإنّا لا نعني بالوجود إلّا الكون في الأعيان ، وهو معنى يعتبره العقل من غير توقف في تصوّره على تصوّر غيره ، ولو كان مركّبا لتوقّف تصوّره على تصوّر جزئه ، ولأنّه لو تركّب لكانت أجزاؤه إمّا وجودات أو عدمات أو ما يعرضان له.
والثاني (٣) باطل ، لأنّه يستحيل تركّب الشيء عمّا ينافيه ويناقضه.
والثالث باطل أيضا ، لأنّ المركّب من تلك الأشياء إمّا أن يتغيّر حاله عند تغيّر حال الأجزاء وجودا وعدما أو لا. والأوّل يستلزم أن يكون للوجود وجود وعدم وهو محال. والثاني محال ؛ لاستحالة كون المعلول على حال واحدة عند وجود
__________________
(١) راجع كشف المراد : ٤١.
(٢) ق وج : «المعنى» بدل «الوجود».
(٣) وهو كون الأجزاء عدمات. والمراد من الثالث كون الأجزاء ما يعرضان له.