المتقدّم به مع المتأخّر في الزمان ، بخلاف أجزاء الزمان.
ولا بالزمان ، وإلّا لزم أن يكون للزمان زمان آخر ، بحيث يوجد الأمس في زمان متقدّم ، واليوم في زمان متأخّر ، ويتسلسل.
لا يقال ، تقدّم بعض أجزاء الزمان على البعض راجع إلى التقدّم بالزمان ، وذلك غير محوج له إلى زمان آخر ، لأنّ ما عدا الزمان إنّما يتقدّم بالزمان ، أمّا الزمان نفسه فلا.
لأنّا نقول : قد بيّنا امتناع ذلك باقتضائه انقسام الزمان بالفعل إلى ما لا يتناهى ، واختلاف أجزاء الزمان بالنوع ، وهو محال عندكم (١).
وللمتكلّمين نوع آخر من التقدّم ، يثبتونه في حق الله تعالى بالنسبة إلى العالم ، وهو التقدّم بزمان تقديري ، على معنى : أنّا لو فرضنا أزمنة لا نهاية لها لكان الله تعالى متقدّما بها(٢).
البحث الثالث : في أنّ مقوليّة التقدّم على أنواعه بأيّ معنى هو؟ (٣)
قد وقعت المشاجرة بين الأوائل في وقوع التقدّم على أنواعه الخمسة ، فقال طائفة منهم : إنّه واقع عليها بالتشكيك (٤) ، وذلك لأنّها اشتركت في معنى واحد ، هو الموضوع له التقدّم ، واختلفت فيه بالأوّليّة وعدمها ، وذلك المعنى المشترك ، هو أنّ المتقدّم بما هو متقدّم له شيء ليس للمتأخّر ، ولا شيء للمتأخّر إلّا وهو موجود للمتقدّم ، ثمّ هذا التقدّم يوجد للمتقدّم بالعلّية قبل المتقدّم بالطبع ، وللمتقدّم
__________________
(١) راجع كشف المراد ، المسألة الثالثة والثلاثون من الفصل الأوّل.
(٢) م : «مسبوقا بها».
(٣) راجع إلهيات الشفاء ، الفصل الأوّل من المقالة الرابعة ؛ الأسفار ٣ : ٢٥٨ ـ ٢٦٧.
(٤) لاحظ القبسات : ٦١.