سواء كان موجودا في الأعيان أو معدوما ، (١) وحينئذ يجب أن يكون وجوده زائدا على ماهيته ومغايرا لها ، فيخرج عن هذا الرسم واجب الوجود تعالى ، لأنّه وإن كان موجودا لا في موضوع ، لكنّه ليس بجوهر ، لأنّ وجوده نفس حقيقته وليس زائدا عليها ، فلا يصدق عليه أنّه الماهيّة التي إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع.
ومن يجعل وجود واجب الوجود تعالى زائدا على ماهيّته يجعله داخلا تحت هذا الرسم، ولا يطلق عليه لفظة الجوهر ، لأنّ أسماءه تعالى توقيفية ، ويمنع من كون الجوهر جنسا له تعالى ، لاستحالة دخوله تحت الجوهر ، وإلّا لكان له فصل فكان مركّبا ، وقد بيّنا أنّه يمتنع عليه التركيب (٢).
وهذا الجوهر هو أحد المقولات العشر ، وهي أجناس عالية كلّ واحد منها لا جنس له ، بل تحته أجناس.
البحث الثاني : في أنّ الجوهر هل هو جنس أم لا؟
اختلف الأوائل (٣) هنا ، فذهب الأكثر منهم إلى أنّ الجوهر جنس عال لكل ما يندرج تحته اندراج النوع. ومنع آخرون (٤) منه.
احتجّ الأوّلون : بأنّ خواص الجنس موجودة فيه ؛ لامتناع بقاء كل ما يقال عليه الجوهر مع رفعه عنه ومقوليته على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو
__________________
(١) ومثل له الرازي بالسكين بأنّه الذي يقطع إذا وجد المنفعل ، فذلك يصدق عليه ، سواء كان قاطعا بالفعل أم لم يكن. المباحث المشرقية ١ : ٢٤٢.
(٢) راجع إلهيات النجاة : ٢٥١.
(٣) م : «الناس» ، وما أثبتناه من ج مطابق لعبارات المصنف في الجوهر النضيد : ٢٣.
(٤) المتأخّرون.