العلة وعدمها. ولأنّ خاصية الجزء المطلقة وهي التقدم في الوجودين إنّما تتحقّق لو كان للوجود وجود وهو محال.
والأوّل (١) باطل ، لأنّ الجزء إن كان وجودا مطلقا كان المركّب هو نفس الجزء ، هذا خلف ، وانتفت الكلّية والجزئية وهو المطلوب. وإن كان وجودا خاصّا لزم الدور ، وأن لا يكون الوجود وجودا ، لأنّ ما به الامتياز مخالف لما به الاشتراك ، فلا يكون وجودا ، ومقوّم الجزء مقوّم الكل ، هذا خلف. وإن كان وجودا بمعنى أنّه موجود فقد تقدم بطلانه في الثالث. ولأنّه إن كان موجودا بوجود سابق على تحقّق الوجود كان الشيء متقدّما على نفسه. وإن كان موجودا بوجود متأخّر عن الوجود أو مصاحب لم يكن وجود الجزء سابقا على وجود الكلّ ، لكن من خواص الجزء تقدّمه في الوجودين والعدمين على الكلّ.
المقام الثاني : (٢) في أنّ الوجود نفس الكون في الأعيان ، لا ما به الكون في الأعيان (٣)
اعلم أنّا نعني بالوجود ، المعنى المفهوم منه المتعارف عند العقلاء ، وهو
__________________
(١) وهو كون الأجزاء وجودات.
(٢) أنظر المباحث المشرقية ١ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ؛ كشف المراد : ٢٩ (في أنّ الوجود ليس هو معنى زائدا على الحصول العيني). هذه العبارة ونظائرها تعرب عن الاعتقاد بأصالة الوجود ، وإن لم يصرّحوا بها ولم يلتزموا بمقدماتها ونتائجها ، ولكنّه ظاهر في كلمات أتباع المشائين. قال بهمنيار : «الوجود حقيقته أنّه في الأعيان لا غير ، وكيف لا يكون في الأعيان ما هذه حقيقته». وقال أيضا : «والفاعل إذا أفاد وجودا فإنّما يفيد حقيقته ، وحقيقته موجوديته ، فقد بان من جميع هذا أنّ وجود الشيء هو أنّه في الأعيان لا ما به يكون في الأعيان». التحصيل : ٢٨٤ و ٢٨٦.
(٣) أي بسببه تكون الماهية في الأعيان ويستند حصولها إلى الوجود ، حتى يكون الحصول في الأعيان غير الوجود.