وفي السابع نظر ؛ بمنع دوام تعقل الجزء ، فإنّ الإنسان قد يغفل أحيانا عن ذاتياته ولوازمه.
سلّمنا ، لكن إنّما يلزم من العلم بالمركب ، العلم بذاتياته لو عرفنا المركب معرفة تفصيليّة ، أمّا لو علمناها بوجه صادق عليها فلا ، والنفس إنّما تعلم باعتبار عارض عرض لها ، وهو كونها مدبرة للبدن ، فلهذا جهلنا جوهريتها.
البحث الثالث : في أنّ كليات الجواهر جواهر
قد عرفت أنّ الكلي : هو الذي لا يمنع نفس تصوّر معناه من وقوع الشركة فيه ، وهذا المعنى متحقق في الجوهر بأقسامه الخمسة. وقد عرفت أنّ الكلّية لا تخرج الماهيّة الصادقة عليها عن حقيقتها ، وإلّا لكانت الماهيّة مقتضية للجزئية ، وقد عرفت بطلانه. ولأنّه لو اقتضت الجزئية ، فإمّا جزئية معيّنة فلا تصدق الحقيقة على غير ذلك الجزئي ، فكلّ ماهيّة منحصرة النوع في شخص واحد ، وهو محال ، أو غير معيّنة وهو أيضا كلّي ، فقد قارنت الماهية الكلّية ، فلا منافاة بينهما ، فكما أنّ الجزئيات من الجوهر جواهر كذا الكليات.
وأيضا الجوهر هو الماهية التي إذا وجدت في الخارج كانت لا في موضوع ، ليس أنّه الموجود في الخارج لا في موضوع ، والصور الكلّية الذهنية المطلقة المطابقة للجواهر لها ماهيات ، وتلك الماهيات يصدق عليها أنّها لو كانت في الأعيان كانت لا في موضوع ، فكليات الجواهر جواهر لصدق حدّ الجوهر عليها ، وإن لم تكن الآن موجودة في الخارج ، إذ ليس هذا القيد معتبرا في حقيقة الجوهر.
وأيضا كليات الجواهر تحمل على الجزئيات (١) منها ، حمل المواطاة ، أعني
__________________
(١) ق : «الجهات» وهو خطأ.