وقوع الشركة فيه بين الجواهر والأعراض ، والإشارة تنافي ذلك ، بل تصور الجوهر الكلي ممكن من غير اعتبار حلول عرض ما فيه (١). وأمّا العرض فلا يمكن تصوره إلّا قائما بالجوهر، فإن عني بتناول الإشارة بالذات للجواهر هذا المعنى صحّ ، وإلّا فلا.
البحث السادس : في أنّ الجوهر هو القابل للأضداد على سبيل الاستقلال
اعلم أنّ الجوهر هو الذي يقبل الأضداد غير الإضافية ، لاستحالته في ذاته بالذات ، لا على سبيل التبعيّة. (٢) وذلك بخلاف الظن والقول ، فإنّهما يتغيران عن الصدق إلى الكذب وبالعكس لا لذاتيهما ، بل تبعا لتغير المظنون والمخبر عنه فإذا ظنّ أنّ زيدا في الدار، أو حكم بذلك وكان زيد فيها ، كان الظن والقول صادقين ، فإذا خرج زيد عنها واستمر الظن والحكم تغيرا عن الصدق وكانا كاذبين ، ومع ذلك فلا يتغير ذات الظن والقول ، وإنّما تتغير نسبتهما وإضافتهما. أمّا الجواهر فإنّها تقبل الأضداد كالسواد والبياض ، لاستحالتها في نفسها. وهذه الخاصيّة غير ثابتة في الجواهر العقلية ، لبعدها عن التغير عندهم ، وهو ممنوع. ولا في الجواهر الكليّة ، لأنّ الكلي يشتمل على كلّ شخص ، ولا يصدق أنّ كلّ شخص أسود أو أبيض.
لا يقال : العرض الكلي كاللون يقبل الضدين ، وهما السوادية والبياضية.
لأنّا نقول : اللون الذي هو حصّة (٣) السواد يمتنع أن يبقى عند زوال السوادية عنه ، لأنّ الفصل علّة للحصة ، فإذا عدم عدمت ، فلا يمكن أن يتصف
__________________
(١) م : «ينافيه» ، وهو خطأ.
(٢) م : «التعيين».
(٣) ق : «حصته» ، والصحيح ما أثبتناه من ج وم بأن يكون اللون جزءا من حقيقة السواد.