وليست جزءا منها ، ولا يصحّ قوام تلك المادة دون ما هي فيه ، أعني تلك الصورة.
لأنّا نقول : ليست المادة في الصورة بمعنى صفة العرض بالنسبة إلى الجسم ، لأنّ هذه صفة ناعتة بخلاف تلك ، فإنّ المادة لا تكون ناعتة للصورة (١) ومقصودنا هذه الصفة.
البحث الثاني : في أنّ العرض ليس بجنس
اتفقت كلمة العقلاء من المتكلّمين والحكماء على ذلك ، فإن أطلقوا عليه لفظة الجنس ، لا باعتبار المعنى ، بل باعتبار عارض صادق على كثيرين. ويدل عليه وجوه (٢) :
الوجه الأوّل : أنّا نتصوّر الأعراض الجزئية كالسواد والبياض والسطح والخط وغيرها ، ونشك في عرضيتها ، فلا تكون العرضية مقوّما ، لامتناع تصوّر الشيء بدون تصوّر مقوّماته.
وفيه نظر ؛ لأنّا نمنع تصوّر الأعراض الجزئية بحقائقها ، بل ببعض عوارضها ولوازمها ، فلا يجب تصور مقوّماتها حينئذ.
لا يقال : لا نعني بالسواد إلّا الهيئة التي أدركناها وعرفناها.
لأنّا نقول : نحن نسلّم أنّكم أدركتم هيئة وسميتموها سوادا ، فلم قلتم : إنّ تلك الهيئة المدركة هي حقيقة السواد في نفس الأمر؟ فإنّ ذلك لا يستفاد من العناية والتفسير.
__________________
(١) في جميع النسخ : «فإنّ الصورة لا تكون ناعتة للمادة» ، وهو خطأ ، والصحيح ما أثبتناه طبقا للمعنى والمباحث المشرقية ١ : ٢٤٠.
(٢) انظر الوجوه في المباحث المشرقية ١ : ١٥٠ ـ ١٥١.