والعقل الفعّال ؛ كما هو مبدأ معيّن للمادة بشرط الصورة من حيث هي ، جاز أن يكون مبدأ للعرض بشرط الموضوع من حيث هو ، ويستحفظ وجود ذلك العرض بموضوع بعد موضوع. ويكون المعيّن هو العقل المتشخص مع أيّ موضوع اتفق. واحتياج الأعراض في تعيّنها إلى الموضوعات نفس النزاع.
الرابع : العرض : هو الموجود الذي لا يتحقق وجوده الشخصي إلّا بما يحلّ فيه ، والشيء المحتاج في وجوده الشخصي إلى علّة لا يمكن أن يحتاج إلى علة مبهمة ، لأنّ المبهم لا يكون من حيث هو مبهم موجودا في الخارج ، وما لا يكون موجودا في الخارج لا يفيد (١) وجودا في الخارج بالبديهة. فالعرض إذن لا يتحقق وجوده إلّا بمحلّ بعينه (٢) يتحقق به وجوده الشخصي ويبطل بتبدّله ذلك الوجود ، ولذلك يمتنع انتقاله عنه.
أمّا الشيء المحتاج في صفة غير الوجود إلى غيره من حيث طبيعة ذلك الغير ، كالجسم المحتاج في التحيّز ـ لا في الوجود ـ إلى حيّز لا بعينه ، فلا يمتنع أن ينتقل من حيّز بعينه إلى حيّز آخر يساوي الحيّز الأوّل في معنى الحيّز ، وهكذا إذا تعيّن مكان الواحد بالنوع ، كان الواحد بالشخص من جملة ذلك النوع محتاجا إلى أحد أجزاء حيّز ذلك النوع لا بعينه ، ولذلك أمكن انتقاله إلى حيّز آخر.
وأيضا الوجود الشخصيّ الحاصل من سبب موجود معه يمكن أن تختلف شرائطه بحسب أزمنة مختلفة ، كالهيولى المحتاجة إلى صورة لا بعينها ، وذلك غير ما نحن فيه ، فإنّ تشخّص الهيولى لا يتبدّل بتبدّل أشخاص الصورة ، والعرض المعيّن لا يكون ذلك العرض (٣) عند تبدّل محلّه (٤). وهذا وإن رجع إلى ما تقدم ، لكن لا بدّ
__________________
(١) ق : «يعد» ، والصواب ما أثبتناه في المتن.
(٢) ق : «معينه» ، والصواب ما أثبتناه.
(٣) م : «للعرض» ، والصواب ما أثبتناه.
(٤) نقد المحصل : ١٧٨ ، والجملة اللاحقة ليست فيه.