بوحدتهما ، فلا يحصل الوثوق بأنّ أبا الشخص أو أخاه ، أبوه أو أخوه ، بل مساو لهما (١) وهذا عين السفسطة. وكما حكمنا بالوحدة في الأجسام ، فكذا في الأعراض ، بل هنا أولى، لأنّه لا نزاع في أنّا نحس باللون ، وأكثر الناس منعوا من رؤية الجسم ، فلو جاز القدح في اللون كان في الجسم أولى.
واحتج من جعله كسبيا : بأنّ العرض قبل وجوده ممكن الوجود وقت وجوده لذاته ، وإلّا لكان ممتنعا لذاته فكان لا يوجد ، هذا خلف.
وإذا ثبت أنّه ممكن الوجود لذاته حال وجوده فلا يخلو :
إمّا أن يبقى إمكانه الذاتي في ثاني (٢) الحال ، أو لا يبقى. والثاني محال ، وإلّا لزم انتقال الشيء من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي وهو محال بالضرورة. ولأنّه يستلزم نفي الصانع تعالى ؛ لأنّه كما جاز الانتقال من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي ، جاز أن ينتقل من الإمكان الذاتي إلى الوجوب الذاتي ، والواجب مستغن عن المؤثر ، فيلزم الاستغناء عن المؤثر ، بل ولا يبقى وثوق بشيء من القضايا (٣) العقلية ، لأنّ أجلاها الحكم بأنّ الشيء ، إمّا واجب لذاته لا ينتقل عن وصفه هذا ، أو ممكن لذاته كذلك ، أو ممتنع لذاته كذلك ، فتعيّن الأوّل وهو أنّه : إذا كان ممكنا لذاته في وقت كان ممكنا في كل وقت ، فكل ممكن الوجود ممكن البقاء وهو المطلوب.
وفيه نظر ؛ فإنّا نمنع أنّ كل ممكن الوجود ممكن البقاء ، ولا يلزم من كون الشيء ممكنا في الزمن الأوّل كونه ممكنا في الزمن الثاني عقيب وجوده في الزمن الأوّل. ولا يلزم من نفي ذلك انتقال الشيء من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي ،
__________________
(١) م : بزيادة «بواسطة» بعد «لهما».
(٢) ق : باقي».
(٣) م : «الصفات».