تلك الصورة ، فحينئذ لا تكون الهيولى مشتركة.
ويوضح ذلك : أنّا نرى الحيوانية إذا عدمت فإنّه لا تعدم جسمية بدن ذلك الحيوان(١)، فلا تكون تلك الجسمية متقوّمة بالصورة الحيوانية. فظهر امتناع تقوّم شيء من المحالّ بشيء ممّا يحلّ فيه (٢). فإذن كلّ حالّ بالنسبة إلى محلّه عرض. فأمّا أن يقال : إنّه عرض مطلقا ، حتى يكون هو بالنسبة إلى المركب عرضا ، فحينئذ يبطل الفرق بين الصورة والعرض ، وذلك مخالف للإجماع المنعقد بين العلماء.
وأيضا فإنّ جوهر الشيء في اللغة عبارة عن أصله ، والعرض هو الذي يكون عارضا ، فلا بدّ وأن يكون خارجا (٣) ، ومعلوم أنّ الحرارة بالنسبة إلى الحار من حيث هو حار داخلة فيه ، فيصحّ أن يقال : إنّها داخلة في جوهر الحار ، وهي بالنسبة إلى الجسم القابل لها غير داخلة فيه ، بل خارجة عنه عارضة له فيكون عرضا بالنسبة إليه ، فصحّ كون الشيء جوهرا وعرضا.
وهذا الكلام على طوله لا فائدة فيه ، فإنّه يقتضي أن لا يكون في الوجود عرض على الإطلاق ، بل يكون جوهرا وعرضا ، ويقتضي خروج الحقائق عن اصالتها (٤) وجعلها اعتبارات وألفاظا لا تأصل لها في نفس الأمر.
ثمّ الاستدلال في هذا المطلب العقلي القطعي باتفاق العلماء وإجماعهم ووضع أهل اللغة ، من أغرب الأشياء وأعجبها. والدور يلزم لو اتحدت جهة الحاجة ، أمّا لو تعددت فلا ، وهنا الجهة متعددة ، لأنّ الحالّ يحتاج إلى محل معيّن ، والمحل يحتاج إلى صورة ما ، لا إلى صورة معينة ، لأنّ تعيّنها إنّما هو باعتبار مقارنة
__________________
(١) والعبارة في المباحث المشرقية كذا : «فإنّه لا تعدم جسميته بدون تلك الحيوانية» ، وفي ق أيضا : «جسميته».
(٢) أو «فيها» ليعود الضمير إلى «المحالّ».
(٣) وفي النسختين : «عارضا» ، أصلحناها وفقا لعبارات الرازي.
(٤) ق وج : «أصلها».