والاستناد في مثل ذلك إلى الاشتقاق من أضعف الأدلّة ، مع أنّ الامتداد عرض لا يعقل حلوله إلّا في ذي أجزاء ، وأنّه نسبة بينها ، فلا يتحقّق وجوده إلّا بعد وجود المنتسبين ، لكنّهما لا يوجدان معا ، فلا يتحقّق له وجود.
تنبيه : اعلم أنّ القائلين بكون الزمان مقدارا للحركة ، زعموا أنّ للحركة مقدارين أحدهما من جهة المسافة ، فإنّ الحركة تزيد بزيادة المسافة وتنقص بنقصانها ، والثاني من جهة الزمان ، فإنّ الحركة أيضا تزيد بزيادة الزمان وتنقص بنقصانه ، وللمسافة أجزاء يعرض لها تقدّم وتأخّر بحسب الوضع والمرتبة الحسّية ، ويوجد المتقدّم والمتأخّر دفعة في الوجود ، ويعرض للحركة التجزئة باعتبار تجزئة المسافة ، ويصير أيضا بعضها متقدّما وبعضها متأخّرا بإزاء تقدّم أجزاء المسافة وتأخّرها ، إلّا أنّ المتقدّم والمتأخّر في الحركة لا يمكن اجتماعهما في الوجود ، بخلاف المتقدّم والمتأخّر اللذين في أجزاء المسافة ، فالزمان هو مقدار الحركة ، لا من جهة المسافة ، بل من جهة التقدّم والتأخّر اللذين لا يجتمعان (١).
البحث السادس : في أنّ الزمان هل هو موجود أم لا؟
اختلف الناس في ذلك فذهب المتكلّمون وجماعة من قدماء الأوائل إلى أنّه لا تحقّق للزمان في الأعيان ، مع العلم الضروري بأنّ هنا وقتا ماضيا ومستقبلا وحاضرا ، لكنّها ليست وجودية في الخارج. وذهب الأوائل إلى أنّه موجود في الأعيان. لنا وجوه :
الوجه الأوّل : لو كان الزمان موجودا لكان ، إمّا أن يكون قارّ الذات أو لا ، والقسمان باطلان ، فلا يكون له تحقق.
أمّا الأوّل ، فلأنّه لو كان قارّ الذات لكان الحاضر هو عين الماضي
__________________
(١) راجع شرح الإشارات ٣ : ٩٦.