المسألة الثانية : في أنّ الكم لا يقبل الشدة والضعف (١)
إنّه من الظاهر البيّن عند العقل : أنّه ليس ثلاثة أشد من ثلاثة أخرى في الثلاثية أو أضعف ، ولا جسم أشدّ من جسم آخر في الجسمية أو أضعف ، ولا سطح أشد من سطح في السطحية ، ولا خط أشد من خط آخر في الخطية. نعم إنّه يقبل الزيادة والنقصان وهو غير الشدة والضعف ، لأنّ الخط إذا ازداد أمكن أن يشار إليه مع مثل ما كان من الزيادة ، والسواد إذا اشتد لم يمكن أن يشار إليه مع مثل ما كان من الزيادة. والأزيد والأنقص غير منحصر ، وتفاوت الشدة والضعف منحصر بين طرفي الضدين ، لأنّ الضدين بينهما غاية البعد ، فمعلوم أنّه لا يمكن أن يكون عدد أو مقدار أشد في عدديته أو مقداريته من عدد آخر أو مقدار آخر.
المسألة الثالثة : في الكم بالعرض (٢)
اعلم أنّ الكم هو الذي يقبل لذاته المساواة واللامساواة ، وهنا أشياء تقبلهما ، لكن لا لذواتها ، بل لغيرها ، فتسمّى كما بالعرض. وذلك على وجوه أربعة :
أ : أن يكون شيئا موجودا في الكم كالزوجية والفردية والاستقامة والانحناء.
ب : أن يكون الكم موجودا فيه كالأشخاص العشرة ، وكالجسم الذي طوله ذراع (٣). والزمان له اتصال ذاتي ، لأنّه نوع من الكم المتصل ، واتصال عرضي
__________________
(١) أي لا تشكيك بالشدّة والضعف في الكم.
(٢) لاحظ منطق أرسطو ١ : ٤٥ ؛ طبيعيات النجاة : ١٢٧ الفصل الأوّل من المقالة الرابعة من مقولات منطق الشفاء : ١٢٧ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٢٩١ ـ ٢٩٣ ؛ الأسفار ٤ : ١٧ ـ ١٨.
(٣) من المقاييس طوله الآن بين الخمسين والسبعين سنتيمترا من طرف المرفق إلى طرف الاصبع الأوسط.