وهذه المعاني كميات عرضت لها إضافات. فإن أريد بالطول والعرض والعمق نفس الامتدادات فهي كمّ بالذات ، وإن أريد بها ما تقدّم من المعاني فهي كميات أخذت مع إضافات ؛ لأنّ كلّ خط فهو طويل في نفسه على معنى أنّه في نفسه بعد وامتداد واحد. ثمّ يقال : هذا الخط طويل وذاك الآخر ليس بطويل ، فالمسلوب هنا ليس هو الخط الذي بمعنى البعد والامتداد ، لأنّ كلّ خط فهو طويل بهذا المعنى ، بل المسلوب هو الأمر الإضافي.
ثمّ هذه الكميات المأخوذة بالإضافة إلى شيء قد تؤخذ بحيث لا تكون من شرط إضافتها إلى شيء إضافتها إلى ثالث ، كما يقال : هذا الخط طويل وهذا ليس بطويل ، وهذا السطح عريض والسطح الآخر ليس بعريض ، وهذا الجسم ثخين والآخر ليس بثخين ، وهذا العدد كثير والآخر ليس بكثير ، وقد تؤخذ بحيث تشترط الإضافة إلى ثالث كالأطول والأعرض والأثخن والأكبر (١).
البحث التاسع : في تناهي الأبعاد (٢)
اختلف الناس في ذلك ، فالذي عليه المتكلّمون كافّة ومحقّقوا الأوائل : أنّ الأبعاد متناهية. وذهب حكماء الهند إلى أنّها غير متناهية. لنا وجوه (٣) :
أ : لو كانت الأبعاد غير متناهية لامتنع توارد المسامتة على الخط بعد الموازاة مع غيره فامتنعت الحركة الدورية ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدّم مثله.
__________________
(١) ج : «الأكثر».
(٢) راجع الفصلين السابع والثامن من المقالة الثالثة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ النمط الأوّل من الإشارات ؛ المباحث المشرقية ١ : ٢٩٨ ـ ٣١١ ؛ نقد المحصل : ٢١٧ ـ ٢١٨ ؛ المطالب العالية ٦ : ١٦٩ ؛ الأسفار ٤ : ٢١ ـ ٢٩.
(٣) والوجه الأوّل وهو المسمّى ببرهان المسامتة ، فهو أمتن الوجوه وأوضحها ، قارن النجاة : ١٢٣ ؛ الفصل الثامن من المقالة الثالثة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء.