البرهان على ثبوت الجوهر الفرد وعلى نفيه معا ، فيكون فاسدا.
قال أفضل المحقّقين : هذا البرهان فيه نظر ؛ لأنّ الأمور الواقعة في الزمان ، إنّما يكون أوائلها آن هو مبدأ ذلك الزمان كالحركة ، فإنّ مبدأها الآن الذي لم يشرع المتحرك في الحركة بعد ، وكلّ آن بعد ذلك الآن فإنّ الحركة قد عبر منها (١) جزء حتى وصلت إليه ، وذلك الجزء يقبل القسمة إلى ما لا نهاية له ، كذلك مسامتة الخط للخط بعد الموازاة ، فإنّها تقع في زمان بخلاف مسامتة الخط للنقطة الواقعة في آن ، فمبدأ المسامتة يكون آن الموازاة ، وكلّ آن بعد ذلك الآن يكون الخط فيه مسامتا ، بعد أن عبر من المسامتة شيء ينقسم إلى ما لا نهاية له ، وبان من ذلك أنّ المحال الذي ذكروه غير لازم ولا متعلّق بتناهي الخط ولا تناهيه(٢).
ب : (٣) لو كانت الأبعاد غير متناهية ، لأمكن أن يخرج امتدادان من نقطة واحدة ، كساقي مثلث لا يزال البعد بينهما يتزايد بقدر واحد من الزيادات إلى غير النهاية ، وكلّ زيادة توجد فإنّها مع المزيد عليه يوجد في البعد الذي فوقه ، فهذه مقدّمات أربع يتوقّف هذا البرهان عليها (٤) :
١ ـ إمكان خروج امتدادين من نقطة واحدة كساقي مثلث. وهذا ظاهر ، لكنّه ليس بعام ، بل هو مختص بامتناع عدم تناهي بعدين أو ثلاثة ولا يدل على امتناع بعد واحد غير متناه ، لعدم إمكان فرض الساقين المذكورين فيه.
٢ ـ جواز وجود أبعاد بينهما تزايد بقدر واحد من الزيادات ، مثلا يكون البعد الأوّل ذراعا ، والثاني يزيد عليه بنصف ذراع ، والثالث يزيد على الثاني أيضا
__________________
(١) ق : «عنها».
(٢) نقد المحصل : ٢١٧ ـ ٢١٨.
(٣) وهذا هو المسمّى بالبرهان السلّمي.
(٤) انظر المقدمات وتركيب الحجّة في كلمات الشيخ ابن سينا في شرح الإشارات : النمط الأوّل : ٥٩ وما بعدها.