وفي هذا الجواب نظر ؛ فإنّ النفوس الحادثة أيضا بينها ترتيب لكون كلّ سابقة معدة للاحقة.
وقد اعترض جماعة من الأوائل عليه.
فقال بعضهم : النفوس لا بقاء لها ، وإلّا لكانت النفوس الآن غير متناهية فالأبدان كذلك ، لامتناع التناسخ ، لكنّ عدم تناهيها محال (١) لأنّها قابلة للزيادة والنقصان.
ومنهم من قال بوجوب تناهي الحركات ، لأنّ النفوس متناهية لقبولها الزيادة والنقصان ، والتناسخ باطل ، فيلزم تناهي الأبدان ، فيلزم تناهي الحوادث.
ومنهم من قال بالتناسخ لأبدان غير متناهية ونفوس متناهية.
وقيل (٢) : العلم بأن كل ما يحتمل الزيادة والنقصان يكون متناهيا ، إمّا أن يقال : إنّه من الأوليات أو من النظريات. وباطل أن يكون من الأوليات لاختلاف العقلاء فيه ، فمنهم من ذهب إلى تركّب الجسم من أجزاء غير متناهية بالفعل. ومنهم من ذهب إلى أنّ العالم مركّب من أجزاء كرية الشكل صلبة لا نهاية لها. ومنهم من قال بالخليط الغير المتناهي. والمتكلمون (٣) اتفقوا على أنّ معلومات الله تعالى أزيد من مقدوراته ، مع عدم تناهيهما. ومنهم من زعم أنّ الأكوان المقدورة لله تعالى غير متناهية ، والجزء الذي لا يتجزأ عندهم يمكن حصوله في أحياز غير متناهية على البدل ، ويمكن أن تقوم (٤) به أفراد غير متناهية من نوع واحد على البدل. ومنهم من أثبت في العدم ذوات غير متناهية. ومنهم من أثبت لله تعالى
__________________
(١) أي كون النفوس غير متناهية محال ، فهي غير باقية.
(٢) والقائل هو الرازي.
(٣) في المصدر : «والمسلمون».
(٤) في المصدر : «تتقوّم».