فيلزم انحصاره مع عدم تناهيه لوجوب مساواته لهما حيث تساوت الزوايا بين الخطين.
وفيه نظر ؛ فإنّ برهان اقليدس (١) على المساواة إنّما هو في الخطوط المتناهية بحيث تنطبق نهايتا كلّ خطّ ووسطه على نهايتي مساويه ووسطه (٢).
احتجوا بوجوه (٣) :
الأوّل : الفطرة شاهدة بأنّ كلّ بعد يتناهى (٤) فإنّ وراءه بعد آخر ، إمّا خلاء أو ملاء ، وأنّ فيه حيثيات وجهات متغايرة ، وهذا الحكم غير قابل للتشكيك ، ولو قبله لم يبق وثوق بامتناع حصول الجسم في مكانين ، وامتناع اجتماع المتناقضين ، وذلك يرفع الوثوق بالقضايا البديهية بأسرها.
لا يقال : الفطرة وإن شهدت بالقضية المذكورة كما شهدت بالضروريات ، إلّا أنّها شهدت بصحّة ما ينتج نقيضها ، بخلاف باقي الضروريات ، فلهذا رددناها دون القضايا البديهية.
لأنّا نقول : لو جاز ذلك لارتفع الوثوق بجميع الضروريات ، لأنّ الفطرة إذا شهدت بصحّة قضية ثمّ تبيّن لنا فسادها بوجه من الوجوه ، زال الوثوق بحكمها فلزم الشك في جميع الضروريات ، وإذا لم نجد ما يدل عل فساد القضية لم يجب الحكم بصحتها ، لجواز كونها باطلة ولا نعرف وجه بطلانها ، بل ولو دلّ دليل على صحتها لم يفد ؛ لأنّ الدليل إنّما يفيد العلم لو تركّب من الأوليات ابتداء
__________________
(١) اقليدس المغاري (نحو ٤٣٠ ـ ٣٦٠ ق. م) من أصحاب سقراط مؤسس المدرسة المغارية ، عاد إلى وطنه «ميغارا» بعد وفاة سقراط. الموسوعة الفلسفية : الدكتور عبد المنعم الحفني.
(٢) ذكر الإيجي لاثبات التناهي سبع حجج منها برهان الترسي الذي ابتكره شيخ الإشراق. راجع المواقف : ٢٥٣ ـ ٢٥٥.
(٣) وهي ستة وجوه في إثبات أبعاد غير متناهية : لاحظها والجواب عليها في المباحث المشرقية ١ : ٢٩٨ ـ ٣٠١.
(٤) س وق : «متناهى».