أشد من تأثير النار الصغيرة ، وليست هذه الزيادة زيادة الشدّة في الجوهر ، بل في الأثر باعتبار زيادة المقدار ، لا شدته ولا شدة الجوهر.
البحث الحادي عشر : في بقايا مسائل الكم
المسألة الأولى : في أنّ المقدار هل يوجد في الخارج منفكّا عن المادة أم لا (١)؟
اختلف الأوائل في ذلك على حسب اختلافهم في الخلاء ، فمثبتوه جوّزوا انفكاك المقدار عن المادة ، والمانعون هناك منعوا هنا.
احتجّ المانعون بأنّ هنا مقدارا حالّا في الأجسام ، فلو قدّرنا مقدارا مجردا عن المادة ، فإمّا أن يكون تجرّده لذاته ، أو لأمر لازم لذاته ، أو لأمر عارض لذاته ، والأوّلان باطلان ، وإلّا لكان كلّ مقدار مجرّدا عن المادة ، فلا يكون مقدار ما ملابسا للمادة ، لأنّ الذات إذا اقتضت التجرّد استحال حلولها في المحل لعارض.
وإن كان لعارض فإمّا أن يكون المقدار المجرّد حالّا فيه ، أو يكون محلا له ، أو يكونا حالّين في محلّ ثالث ، أو يكون ذلك العارض لا حالّا في المقدار ولا في محلّه ، ولا يكون محلّا له. والأوّل باطل ؛ لأنّ ذلك المحل ، إن كان غنيا في ذاته عن الموضوع ، كان المقدار حالّا فيما هو غني عن الموضوع ، فلا يكون مجرّدا عن الموضوع. وإن كان محتاجا إلى الموضوع، كان المقدار الحالّ فيه حالّا في ذلك الموضوع ، فيكون أولى بالحاجة إلى الموضوع. ويستحيل أيضا أن يكون هذا المجموع غنيا عن الموضوع.
__________________
(١) راجع الفصل الرابع من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء ؛ شرح الإشارات ٢ : ٥٩ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٣١٨.