المسألة الثالثة : في النقطة (١)
وهي الجوهر الفرد عند المتكلّمين (٢) ، وسيأتي البحث فيه. (٣)
وعند الأوائل أنّها عرض قائم بالجسم هي طرف الخط ورسموها بأنّها شيء لا ينقسم بوجه ، ويجب تعيين الشيء بذي الوضع. وإنّما لم ينقسم ؛ لأنّها نهاية الخط ، فلو انقسمت لكان الجزء الأخير منها هو النهاية. ومن هنا نعرف أنّ الخط لا ينقسم في العرض ، والسطح لا ينقسم في العمق. وإذا اجتمعت نقط متعددة لم يحصل منها خط ؛ لأنّ النقطة الوسطى إن لاقت الطرفين بالاسر كان مداخلة ، فلم يحصل مقدار ولا خط ولا غيره ، وإن لاقتهما لا بالاسر انقسمت ، فلا تكون كلّها هي النقطة.
وقد يقال على سبيل التفهيم : إنّ النقطة بحركتها تفعل الخط ، وليس ذلك على وجه التحقيق ؛ لأنّ حركة النقطة إنّما تكون على شيء من جسم أو سطح أو خط ، فتكون متأخرة عنه (٤).
البحث الثاني عشر : في المكان
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في ماهيته (٥)
اختلف القائلون بثبوته في الأعيان في ماهيته ، وضبط المذاهب فيه أن نقول :
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٣٢٤ ـ ٣٢٦.
(٢) راجع الجويني ، الشامل : ٤٦. وفي المعجم الفلسفي لصليبا : «النقطة ثلاثة أقسام : مادية ورياضية ومتافيزيقية ... وأمّا النقطة المتافيزيقية فهي الذرة» ٢ : ٥٠٣.
(٣) في الفصل الأوّل من النوع الأوّل من القاعدة الثالثة من المجلد الثاني.
(٤) راجع الفصل الرابع من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء «في إبطال ما قيل : إنّ النقطة يرتسم منها الخط».
(٥) راجع الفصل السادس من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ طبيعيات النجاة : ١١٨ ـ ١٢٤.