مقدار ، ولا امتناع فيه ، ولا يلزم أن يتحرك المكان.
وعن ـ د ـ أنّه لا يرد على القائل بكون المكان بعدا ، بل على القائل بأنّه السطح. ويمكن الجواب :
بأنّ الموجب للمكان ليس مطلق الانتقال ، بل الانتقال الذي يكون بالذات لا بالعرض ، فانتقال الشيء بالذات ـ وهو أن يفارق ما يحيط به مفارقة من ذاته لا بسبب لزومه للمفارق بذاته ـ هو الموجب للمكان ، أو مفارقته لبعد يحلّ فيه بجملة أجزائه وأقطاره ، هو المحوج إلى المكان ، والسطح والخط والنقطة ، لا استقلال لها في المفارقة ، بل يتبع الجسم الذي هو محلها.
البحث الثالث عشر : في الخلاء (١)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في أنّه هل هو ثابت أم لا؟
اعلم أنّ الخلاء يفسّر بأمرين :
أحدهما وجودي ، هو عبارة عن الأبعاد الثلاثة التي إذا حلّت في المادة
__________________
(١) عرّفه الجرجاني بأنّه : «البعد المفطور عند أفلاطون ، والفضاء الموهوم عند المتكلّمين ، أي الفضاء الذي يثبته الوهم ويدركه من الجسم المحيط بجسم آخر ، كالفضاء المشغول بالماء أو الهواء في داخل الكوز ، فهذا الفراغ الموهوم هو الذي من شأنه أن يحصل فيه الجسم ، وأن يكون ظرفا له عندهم ، وبهذا الاعتبار يجعلونه حيّزا للجسم ، وباعتبار فراغه عن شغل الجسم إيّاه يجعلونه خلاء ، فالخلاء عندهم هو هذا الفراغ مع قيد ألّا يشغله شاغل من الأجسام ، فيكون لا شيئا محضا ، لأنّ الفراغ الموهوم ليس بموجود في الخارج ، بل هو أمر موهوم عندهم ، إذ لو وجد لكان بعدا مفطورا ، وهم لا يقولون به. والحكماء ذاهبون إلى امتناع الخلاء ، والمتكلّمون إلى إمكانه» التعريفات : ١٣٥.