واحد منهما سبب للآخر فهو باطل ، بل السبب في تحرك الثاني تحرك الأوّل ، وليس تحرك الثاني سببا لتحرك الأوّل. وإن أرادوا به أنّ تحرك كلّ واحد منهما مع تحرك الآخر فجائز ، فإنّ حركة الخاتم غير مفارقة لحركة الإصبع ، وإن كانت حركة الإصبع علّة لحركة الخاتم. والفرق بين هذين وبين الكوزين ، أنّه إذا كان كلّ واحد من الكوزين مملوءا ماء ، فعند انضمام فوهة كلّ واحد منهما على الآخر ، يتكافأ دفع كلّ واحد منهما للآخر ، فلم يخرج شيء من الماء عن مكانه لتكافؤ الدفع وحصم جنبات الكوز لكلّ قطعة من الماء من جانب من الكوز على الماء الذي في الكوز الآخر ، كان يمكن أن يخرج على جملة الكوز. (١) وأمّا إذا لم تنضم فوهة كلّ واحد من الكوزين على الآخر ، وأملنا كلّ واحد منهما ، فإنّ الماء يخرج حالة ما نميله ويرسب في الهواء. فأمّا الهواء الذي يتحرك فيه فليس كذلك ، لأنّه لا يجوز أن يرسب ، فلذلك يمكنه أن يتحرك إلى المكان الذي كان فيه. ثمّ يدل على إمكان هذا القسم ، تحرك السمكة في الماء ، فإنّ الماء يتحرك عن جنبها إلى مكانها.
والذي يقال من أنّ في الماء خللا خالية ، فإذا تحركت السمكة اندفع الماء إلى ذلك الخلل فحصل المكان للسمكة ، باطل.
أمّا أوّلا ، فلأنّه لو كان كذلك لما انحدر الماء إلى مكان السمكة ؛ لأنّه لمّا وجد فيما يلي مكان السمكة أماكن كثيرة غير المكان الذي كانت السمكة فيه ، فأيّ حاجة به إلى دخول ذلك المكان؟
وأمّا ثانيا ، فلأنّ الماء لطيف سيّال ، فلما ذا لم يدخل تلك الخلل الخالية؟
والجواب عن الأوّل : أنّه مبني على ثبوت المادة ، وسيأتي بيان بطلانه إن شاء
__________________
(١) في العبارة تشويش ولعلّ فيها سقطا ، وهي في المباحث كذا : «وحصر جنبات الكوز لكلّ قطعة من الماء ومنعها إيّاها من التحرك إلى جانب مخصوص. نعم لو اعتمد الماء من جانب الكوز على الماء الذي في الكوز الآخر كان يمكن أن يخرج من الجانب الآخر إلى الكوز الآخر».