ويكون الوسط خاليا ، لامتناع دخول جسم فيه.
الوجه الثامن : لو ملأنا زقّا بجسم ثمّ شددنا رأسه ، ثمّ أدخلنا فيه مسلّة (١) ، فإنّها تدخل فيه ، ولو لا وجود الخلاء بين أجزائه لامتنع ذلك فيه.
الوجه التاسع : إذا ملأنا إناء من رماد وشبهه أمكننا أن نصب عليه الماء بقدر ما يملؤه ، فلو لا أنّ هناك خلاء لامتنع ذلك.
الوجه العاشر : أنّا قد نملأ دنّا (٢) شرابا ، ثمّ نخرجه منه ونجعله في ظرف ، ثمّ ندخله في الدّن ، فإنّه يسعهما ، فلو لا أن بين أجزاء الشراب خلاء انحصر فيه مقدار مساحة الظرف ، وإلّا لم يسعهما. (٣)
الوجه الحادي عشر : لو فرضنا خطا من ستة أجزاء ، ثمّ رفعنا الأجزاء التي بين الطرفين ، فإن التقى الطرفان في الحال لزم الطفرة ، وإن لم يلتقيا ثبت الخلاء.
الوجه الثاني عشر : يصحّ أن يوجد الله تعالى السماء والأرض ولا هواء بينهما ، لأنّهما لا يحتاجان إليه ، ولا يحتاج القديم تعالى في خلقهما إليه.
اعترض (٤) على ـ الأوّل ـ بأنّ المتحرك يدفع ما قدّامه من الهواء ، ويمتدّ ذلك إلى حيث لا يطبع فيه الهواء المتقدّم ، فيتكوّن الموج من المندفع وعن المندفع ، ويضطر إلى قبول حجم أصغر ، وأمّا خلفه فيكون بالعكس ، فيكون بعضه ينجذب معه وبعضه يعصي فلا ينجذب ، فيتخلخل ما بينهما إلى حجم أكبر. وأيضا ينتقل الجسم إلى مكان الهواء عند انتقال الهواء إلى مكانه.
وقولهم تتوقف حركة كلّ من الجسمين على حركة الآخر ، إن أرادوا به أنّ كلّ
__________________
(١) الابرة الكبيرة ، وجمعها «مسالّ».
(٢) وعاء كبير ، يستعمل للشراب.
(٣) كذا العبارة ، وفي المباحث بدل «وإلّا لم يسعهما» : «لاستحال ذلك».
(٤) راجع الفصل الثامن من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٣٥٤ ـ ٣٥٧. وبعد كل اعتراض يجيب العلّامة.